أزمة الشارع اللبناني.. تأليه الزعيم القائد… لبنى عويضة

بعدما ضج الشارع اللبناني في الاسبوع الماضي بالفيديو المسرب لوزير الخارجية جبران باسيل، عقب وصفه لرئيس مجلس النواب نبيه بري بـ ″البلطجي″، بدأنا نشهد مظاهر مصالحة بعد تدخّل من كل الاطراف، للحصول على “مصالحة” بين أمل والتيار الوطني الحر، فهل المقصود بهذا هو مصالحة فعلية ام هدنة مؤقتة؟.

صحيح ان لبنان بلد قائم على فسيفساء مذهبية، ومصالح متناقضة بين الجماعات، وحقد متوارث من جيل الى آخر ومن منطقة الى اخرى، لكن ما بقي يجمع بينهم هو الشارع وتحركاته.

مع حصوله على اليوبيل الفضي على رأس السلطة التشريعية، يعتبر نبيه بري من مؤسسي السياسة الحديثة في لبنان، خصوصا في فترة ما بعد انتهاء الحرب الاهلية، وكان شاهداً على جميع التطورات والاحداث التي مر بها لبنان وعايشها. وهذا يعني ان الرئيس بري لا يمكن التصرف معه على أنه ملحق يمكن تحييده او ابعاده عن السياسة، كونه من اركان الدولة.

وبما ان الخطأ ظهر من البيت الرئاسي، فقد ادى الى تحركات لم يشهد الشارع مثلها من قبل، حيث أن تراكم الاخطاء والزلات تحولت لدى جبران باسيل الى نهج متبع، يسعى من خلاله الى شد عصب الشارع المسيحي والمغتربين، خصوصا على ابواب الانتخابات التي ادت الى تفكيك التحالفات وخلط الاوراق في ظل قانون الانتخاب الجديد الذي وضع على قياس الحكام.

هذه التحركات كانت أشبه بـ ″استعراض للقوى والقوة ″، أي أنها صراع احجام، حيث نزل مؤيدو كل فريق بأسلحتهم المتفلتة وغير الشرعية، لتذكر اللبنانيين بحرب الشوارع وايام الحرب الاهلية التي لم تمحَ من ذاكرتهم بعد.

كلمة واحدة اشعلت الشارع اللبناني، كلمة أثارت الميليشيات التي لم ينسها الشعب اللبناني بعد، كلمة أظهرت السلاح المتفلت، ونبشت الاحقاد الدفينة داخل كل جماعة، كلمة أدت الى إنقسام الشارع بين مؤيد ومعارض، حتى المناطق التي تعتبر خارجة عن سيطرة أمل والتيار الوطني الحر، شهدت إنقسامات، وكان لافتا وقوف الشارع الطرابلسي الى جانب بري، اذ انه عمل بوحي المثل الشعبي: “انا وخيي على ابن عمي.. و انا وابن عمي على الغريب.”

هذا الشعب الذي يعاني من الجوع والفقر والبطالة وانتشار النفايات من حوله، أي أنه يستنشق رائحة الموت يوميا، ورغم الفساد الذي طمره لم يحرك ساكنا، في حين أن السياسيين الذين أعموا بصره عن اخطائهم اضحوا بمثابة إله بالنسبة لكل جماعة، والتوجه لأي سياسي يعتبر تعديا على رمز الهي.

ما شاهدناه في الشارع مؤسف ومخجل، وعار علينا، فالفساد بات يطمرنا، وشبابنا يقف رهن اشارة او كلمة من هذا السياسي أو ذاك، وبعضهم مستعد لحرق البلد إذا ما مسّه أحد بكلمة،  فيما مستقبلهم على شفير الانهيار او بالاحرى إنهار فعلاً.

لكن يبقى السؤال، هل من الممكن تغيير عقيدة الشعب اللبناني الراسخة؟ وهل يمكن الحد من “تأليه” الزعيم القائد، الذي ليس سوى ممثلاً عن هذا الشعب وبأمره؟.

Post Author: SafirAlChamal