التبانة.. كيف حسم الجيش اللبناني مواجهته مع المطلوبين؟… غسان ريفي

سيطر الهاجس الأمني مجددا على طرابلس ليل أمس من منطقة التبانة التي عاشت مواجهة دموية بين الجيش اللبناني وأحد المطلوبين المنتمين الى تنظيم ″داعش″ يدعى هاجر الدندشي وملقب بـ″البيك″ )من مواليد عكار(، إنتهت بمقتله حيث كان يتحصن في أحد المباني المكتظة بالسكان، وباستشهاد الجندي خالد خليل (مواليد مشمش عكار) وجرح ستة عسكريين آخرين.

العملية العسكرية النوعية هي الأولى من نوعها منذ أن نجح الجيش اللبناني بالقضاء على مجموعة أسامة منصور وشادي المولوي في التبانة في 27 تشرين الأول عام 2014، حيث عاشت بعد ذلك المنطقة إستقرارا أمنيا كاملا، وكانت تشهد بين الحين والآخر توقيفات ومداهمات من قبل الجيش وشعبة المعلومات لعدد من المطلوبين من فلول تلك المجموعة أو ممن ينتمون الى ″داعش″ و″جبهة النصرة″ أو يعملون لحسابهما.

أرخت العملية العسكرية بثقلها على طرابلس التي كانت بدأت إستعداداتها للانتخابات النيابية المقبلة، وتركت وراءها سلسلة من الأسئلة، لجهة: هل عادت الخلايا الارهابية النائمة الى التحرك؟، وهل كان المطلوب هاجر الدندشي يعمل على تشكيل خلية إرهابية جديدة لتنفيذ إعتداءات على الجيش والقوى الأمنية أو تنفيذ عمليات إرهابية محددة؟، أم أن مداهمته جاءت لكونه يتواصل مع ″داعش″؟، ثم لماذا كانت المواجهة بهذه الضراوة ما أدى الى خسائر في صفوف الجيش؟، هل كان الدندشي يريد فتح معركة يستدرج إليها عدد من الشبان؟، أم أنه كان يعتمد على مجموعة لمساندته حالت إجراءات الجيش دون تحركها أو تواصلها مع بعضها البعض؟.

بدا واضحا ليل أمس أن التبانة ليست بيئة حاضنة لأي من المتورطين مع ″داعش″ و″النصرة″، وهي وقفت الى جانب الجيش وساندته فكان ظهره محميا، خصوصا أن أهالي هذه المنطقة الذين يعانون شتى أنواع الحرمان والاهمال والأزمات الانسانية والاجتماعية، يتطلعون الى مزيد من الأمن والاستقرار ليتمكنوا من العمل لتأمين قوت عائلاتهم، وهم يسعون الى مسح صورة الماضي التي لم تحمل لهم سوى المآسي والمعاناة.

ماذا حصل في التبانة ليل أمس، وكيف حسم الجيش المواجهة؟

تقول المعلومات أن هاجر الدندشي كان أحد أركان مجموعة أسامة منصور، وهو مطلوب للعدالة بتهمة الانتماء الى “داعش”، لكنه بعد فرار المسلحين من التبانة إثر المعركة التي قادها الجيش اللبناني ضدهم في العام 2014، غادر الى سوريا وإلتحق بصفوفه وقاتل معه، وبقي هناك زهاء ثلاث سنوات، وقد عاد قبل فترة سرا الى لبنان وإتخذ من التبانة مقرا لاقامته. وكان الجيش اللبناني الذي يضع المتورطين مع “داعش” و”النصرة” تحت المجهر، نفذ مداهمة ليل أمس الأول وأوقف أحد الأشخاص، وبناء على إعترافاته، عاد الجيش ونفذ مداهمة جديدة بدأت عند العاشرة من ليل أمس حيث أوقف أحد المطلوبين ويدعى (ب. د)، ولدى مداهمته مكان تواجد المطلوب هاجر الدندشي في شارع الحموي بهدف توقيفه، بادر الأخير الى مواجهته باطلاق النار ورمي عدد من القنابل اليدوية باتجاه الدورية ما أدى الى إصابة عدد من العسكريين إستشهد أحدهم متأثرا بجراحه وهو الجندي خالد خليل، ثم فر الدندشي من مكانه وتحصن بأحد المباني المكتظ بالسكان.

وعلى الفور عمل الجيش على تطويق المبنى، وأغلق كل الطرقات المؤدية الى شارع الحموي، ومنع المواطنين من الدخول والخروج من التبانة، وطلب من الأهالي عدم الخروج الى الشرفات، كما إستقدم تعزيزات إضافية من مغاوير البر والبحر الذين نشروا القناصين على أسطح بعض المباني وعززوا من محاصرتهم للمبنى.

وعلى مدار ساعتين ونصف الساعة من الزمن شهد شارع الحموي مناوشات بين الجيش وبين المطلوب الدندشي الذي أطلق النار باتجاه العسكريين ورمى ثماني قنابل يدوية، ما أدى الى إرتفاع عدد جرحى الجيش الى ستة، في وقت كان فيه المغاوير يحكمون الطوق على المبنى من دون أن يتمكنوا من الافراط في إستخدام القوة حيث كانوا يطلقون النار في أماكن محددة، وذلك بسبب المدنيين المتواجدين في المبنى والذين أطلقوا عدة صرخات إستغاثة.

وبعد مفاوضات مع المطلوب الدندشي لتسليم نفسه باءت بالفشل، قامت قوة بدخول المبنى من السطح وأخرى من المدخل حيث تم تضييق الخناق على الدندشي وصولا الى المواجهة المباشرة معه والتي أدت الى مقتله، حيث نقل الصليب الأحمر جثته، وقد تبين أنه لم يكن معه حزاما ناسفا، لتنتهي العملية قرابة الواحدة فجرا.

khaled

أما شهيد الجيش خالد خليل فقد نقلت جثته الى براد المستشفى الحكومي تمهيدا لتسليمها الى ذويه حيث يقام له مأتم رسمي اليوم في بلدته مشمش، في حين تم نقل الجرحى العسكريين الى عدد من المستشفيات وهم: النقيب مارون رزق، الملازم علي إبراهيم، العريف يوسف حسن، العريف خالد الحاج حسن، والجنديين يوسف عواد وخضر عاصي.

وشهدت التبانة حتى ساعات الصباح الأولى دوريات راجلة ومؤللة للجيش اللبناني وحواجز ثابتة، ومداهمات بحثا عن بعض المطلوبين.

Post Author: SafirAlChamal