مشهد الفتنة يكتمل… غسان ريفي

إكتمل مشهد الفتنة.. مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل بالشتائم بين مناصري حركة أمل والتيار الوطني الحر، اللافتات المؤيدة للرئيس نبيه بري ولوزير الخارجية جبران باسيل تغزو المناطق، التحريض السياسي والشحن الطائفي سيدا الموقف، والتحركات الشعبية وقطع الطرقات وإحراق الاطارات ترخي بثقلها على اللبنانيين وتتطور دراماتيكيا وصولا الى ما شهدته منطقة الحدث ليلا من أعمال شغب وإطلاق نار كاد أن يؤدي الى ما لا يحمد عقباه، في وقت ما يزال فيه التواصل السياسي مقطوعا، والمعالجات شبه معدومة، ما يجعل الأمور مفتوحة على أخطر إحتمالات.

إكتمل مشهد الفتنة.. جبران باسيل مدعوما من تكتل التغيير والاصلاح، يسعى الى شد “العصب المسيحي” عشية الانتخابات النيابية، ويجد أن ما يتعرض له من “هجوم شيعي” يشكل فرصة سانحة له للانقضاض على خصومه في القوات اللبنانية والكتائب، ويحوله الى قائد مسيحي شعبي ـ ميداني يهتف له أنصاره بالروح بالدم.  

والرئيس نبيه بري عصبه جاهز ومستنفر دوما للدفاع عنه وعن رمزية الكرسي الثانية، ويترجم بصولات وجولات في المناطق تعبيرا عن الغضب على الاساءة التي ألحقها باسيل برئيس مجلس النواب، ولتشكيل حالة ضغط شعبي على وزير الخارجية لدفعه الى تقديم إعتذار علني من اللبنانيين.

وما بين الطرفين إحتقان بلغ حافة الانفجار، لم يعد يحتاج سوى الى شرارة صغيرة كادت أن تصدر من منطقة الحدث ليل أمس، لإعادة بناء المتاريس وإحياء محاور قتال وخطوط تماس يجهد اللبنانيون على مسح مآسيها من ذاكرتهم.

إكتمل مشهد الفتنة.. والكل محرج، رئيس الجمهورية الذي يسعى للحفاظ على عهده، وعلى حماية صهره وتمكينه سياسيا، تجاوز الاعتذار، الى منطق التسامح والمسامحة، لكن دعواته لم تلق آذانا صاغية.

وحزب الله الذي وقف بشكل تلقائي الى جانب الرئيس نبيه بري مراعاة لحساسية الشارع الشيعي الذي يتقاسمه مع حركة أمل، ما يزال يحرص أيضا على الغطاء المسيحي الذي يوفره له تحالفه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومع التيار الوطني الحر، وإن كان ضاق ذرعا بسلوك باسيل الارتجالي وأخطائه المتتالية من هجوم محطة OTV، على السيد حسن نصرالله على خلفية رفض عرض فيلم “ذابوست” مرورا بموقفه الأخير والملتبس من إسرائيل، وصولا الى إساءته لرئيس مجلس النواب وما يشكله من رمزية شيعية.

والرئيس سعد الحريري الذي يخشى تفجير حكومته من الداخل، ويعاني من مصادرة باسيل للسلطة التنفيذية، ويحسب ألف حساب لغضب رئيس المجلس إتخذ قرار “النأي بالنفس” بعدما وجد نفسه غير قادر على التأثير، في حين تسعى بعض الأطراف الى صب الزيت على النار تحقيقا لمصلحة سياسية هنا أو إنتخابية هناك من دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي تحيط بالبلد من كل حدب وصوب.

هذا الاحراج الأفقي في التعاطي مع الأزمة، معطوفا على التعنت بعدم الاعتذار أو حتى الاعتراف بالخطأ، يترك فراغا في الساحات الغاضبة، والمعروف أن الطبيعة لا تقبل الفراغ، ولطالما ردد الرئيس نبيه بري بأن الفراغ غالبا ما يملأه الدخان الأسود، وقد بدأت بوادر هذا الدخان تظهر أمس من منطقة الحدث التي كانت على موعد مع توتر كاد أن يتحول الى إشتباك مسلح قد يعرف البعض كيف يبدأ لكن أحدا لا يعلم الى أن أين قد يأخذ البلاد والعباد.

حركة أمل تبرأت فورا من الموتورين الذين إجتاحوا منطقة الحدث وأطلقوا النار، وأهالي المنطقة إستنفروا للرد على من يهدد أمنهم، ما يوحي أن طابورا خامسا قد دخل لاستكمال مشهد الفتنة التي لا بد أن يُقطع دابرها برفع الغطاء السياسي عن كل من يحاول الاخلال بالأمن، وإطلاق يد الجيش اللبناني للضرب بيد من حديد، قبل أن يتجرأ البعض إلى إطلاق الرصاصة الأولى التي لن تكون نتائجها بعيدة عن نتائج بوسطة عين الرمانة.

Post Author: SafirAlChamal