التحدي السياسي بلغ مداه.. الحكومة في خطر؟…غسان ريفي

بلغ التحدي السياسي مداه بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وبين التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل على خلفية الفيديو المسرب من البلدة البترونية الوادعة محمرش بأيدٍ كتائبية، حيث تجاوزت كتلة التنمية والتحرير دعوة باسيل للاعتذار الى مطالبته بالاستقالة، بالمقابل جدد تكتل التغيير والإصلاح ثقته برئيسه مكتفيا بالاسف الأولي الذي ابداه باسيل بمجرد ظهور الفيديو المسرب الى العلن.

يمكن القول ان الجرة قد كسرت بين الرئيس بري وبين العهد رئاسة وحكومة ووزير خارجية، خصوصا بعد البيان الرئاسي الذي صدر عن قصر بعبدا والذي حمل مسؤولية ما حصل الى الجميع، معلنا مسامحة كل من اساء، وبيان كتلة المستقبل النيابية التي عقدت اجتماعها برئاسة الرئيس سعد الحريري والذي تحدث بالعموميات من دون ان يحدد المسؤوليات، وذلك خلافا لموقف عضو الكتلة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي زار بري متضامنا، وشدد على ضرورة الاعتذار، اضافة الى التسريبات الصادرة عن أوساط باسيل بأنه لن يعتذر.

كل ذلك ينذر بأن الأزمة مستمرة وان الأمور تتجه نحو مزيد من التصعيد لا سيما مع عودة تحركات أنصار الرئيس بري وحركة أمل الى الشارع أمس بما في ذلك إغلاق الطرقات بالإطارات المشتعلة.

في الشكل يبدو ان الخلاف إنفجر بين بري وباسيل هو على خلفية الفيديو المسرب الذي تضمن الكلام المسيء بحق رئيس مجلس النواب، لكن في المضمون فان هذا الفيديو كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، بعدما ضاق الرئيس بري ذرعا بتصرفات باسيل الذي يعتمد لغة طائفية تهدف الى شد عَصب شارعه عشية الانتخابات النيابية، ويتحدث بمنطق التحدي ان لجهة استرجاع حقوق المسيحيين بالأظافر أو الإيحاء بفرض توظيفهم في ادارات الدولة، إضافة الى تعطيله الكثير من قرارات توظيف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية، بحجة عدم تأمين التوازن الطائفي وان كانت الفئة الوظيفية لا تراعي هذا التوازن، فضلا عن الغضب المسيطر على عين التينة جراء مرسوم أقدمية الضباط والذي شكل منذ البداية قطعا للتواصل بين الرئاستين الاولى والثانية.

ويبدو واضحا ان غضب الرئيس بري لا يستثني رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يسير في ركب باسيل ولا يرفض له طلبا، ويحاول منذ فترة تكريس ثنائية بينه وبين الرئيس ميشال عون في إدارة شؤون الدولة واتخاذ القرارات من دون العودة الى الرئاسة الثانية، وهو امر يعتبر بمثابة خط أحمر لدى الرئيس بري.

لذلك يبدو ان الحريري ادرك متأخرا بأنه غير قادر على رأب الصدع الحاصل، خصوصا في ظل اقفال طريق عين التينة أمامه، وبالتالي فإن الأزمة أعمق مما كان يتصور وأنها لا يمكن ان تحل بتبويس اللحى، إنما تحتاج الى خطوات عملانية تبدأ بالاعتذار العلني من قبل باسيل وتمتد الى تغيير النهج والاسلوب والكف عن التحريض السياسي والشحن الطائفي.

ويمكن القول ان محاولة الرئيس الحريري ان ينأى بنفسه وبكتلته النيابية عن هذه الأزمة وعدم ملامستها بشكل جدي، قد يضع رئيس الحكومة في الخانة نفسها مع باسيل بالنسبة للرئيس بري، ما يترك سلسلة تساؤلات حول مصير الحكومة والخطر الذي يحيط بها، جراء إمكانية تنفيس الاحتقان السياسي المتنامي على طاولة مجلس الوزراء، أو أن تترجم الأزمة نفسها استقالات لبعض مكونات الحكومة، خصوصا في ظل موقف حزب الله المتقدم الى جانب الحليف الرئيس بري، ما يضع العهد والحكومة والبلد والاستحقاقات الدستورية في مهب الريح.

وتحذر مصادر سياسية مطلعة من تداعيات هذه الأزمة خصوصا بعدما اتخذت منحى طائفيا، وبدأت تشهد تحركات في الشارع، لافتة الانتباه الى ان عملية تجهيل الفاعل في كل ما وصلنا اليه لا تخدم احدا، ومحاولة التعمية والتعميم لن تجدي نفعا.

وتستغرب هذه المصادر كيف نجحت رئاسة الجمهورية في مواجهة تداعيات استقالة الحريري ومعالجة آثارها وفي الحفاظ على التضامن الوطني الذي ساهم في تمكين لبنان من اجتياز أزمة كادت ان تطيح بسلمه الأهلي، وكيف هي اليوم قاصرة عن حل الأزمة الراهنة.

وتقول هذه المصادر: لا يجوز ان تهدر رئاسة الجمهورية الربح الكبير والإجماع الوطني اللذين حققتهما خلال أزمة الحريري بهذه الطريقة، خصوصا ان الاساءة الى رئيس مجلس النواب جاءت من البيت الرئاسي، مشددة على ضرورة التخلي عن منطق التحدي الذي من شأنه ان يضرب الاستقرار وان يطيح بكل الإنجازات التي تحققت، وبحكومة العهد الاولى. 

Post Author: SafirAlChamal