سبع سنوات على ″يوم الغضب″.. أين المارد السني؟… غسان ريفي

كان ″النأي بالنفس″ نجم الندوة الحوارية التي عقدها الرئيس سعد الحريري على هامش منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس، حيث شدد على أهمية هذا الشعار في حماية لبنان وضمان إستقراره، وأكد أن ″السبب الوحيد الذي دفعني إلى العودة إلى لبنان والتراجع عن قراري بالاستقالة هو أن كل الأحزاب والجهات اللبنانية اتفقت على أن سياسة ″النأي بالنفس″ وهي السياسة الرسمية للحكومة اللبنانية، ولا بد أن تُحترم″.

اللافت أن كلام الحريري جاء عشية يوم 25 كانون الثاني، وهو اليوم المشؤوم الذي أرخى بثقله على طرابلس قبل سبع سنوات شغبا وفوضى وحرقا وتدميرا وإعتداءات، وإساءة للمدينة وأهلها تحت عنوان ″يوم الغضب″ الذي دعا إليه تيار المستقبل، إحتجاجا على قبول الرئيس نجيب ميقاتي بتكليفه تشكيل الحكومة.

لا يمكن أن ينسى أبناء طرابلس يوم 25 كانون الثاني من العام 2011، عندما إجتاح موتورون مشحونون بالتحريض السياسي والمذهبي شوارع مدينتهم، وعاثوا فيها فسادا، وأحرقوا مكتب النائب محمد الصفدي، وحاصروا مؤسسات العزم الخيرية وحاولوا إحراقها، وحطموا كل ما طالته أيديهم، بما في ذلك إحراق سيارة النقل المباشر لقناة الجزيرة والاعتداء على الاعلاميين، إضافة الى المواجهة مع الجيش اللبناني والتي كادت أن تسفر عن مجزرة.

لا يختلف إثنان على أن يوم الغضب الأزرق، أعطى إشارة إنطلاق جديدة لدورة العنف في طرابلس، بعدما أعلن المنظمون بأن ″المارد السني″ قد خرج من ″القمقم″، فنُقلت كل التوترات الأمنية الى المدينة، وتُرجمت جولات عنف عبثية، ما لبثت أن إرتبطت بدعم الثورة السورية، وفصائل المعارضة المسلحة، في حين أعلن الرئيس الحريري بأنه ضد شعار ″النأي بالنفس″، وأنه لا يمكن أن ينأى بنفسه عما يحصل في سوريا.

لم يكتف الحريري بذلك، بل أعلن لاءاته وشروطه الشهيرة بأن لا حوار ولا جلوس ولا حكومة مع حزب الله، إلا بخروجه من سوريا، وتسليم سلاحه الى الدولة اللبنانية، وتسليمه المتهمين باغتيال الشهيد رفيق الحريري الى المحكمة الدولية.

كان يمكن لطرابلس أن تنسى يوم الغضب وآثاره الكارثية، لو أن المحرضين تمسكوا بالثوابت التي نادوا بها، لكن ما يثير الغضب الحقيقي، هو أن تيار المستقبل إستخدم طرابلس وقودا في صراعاته من أجل العودة الى السلطة.

لا شك في أن كل الشعارات التي رفعها الحريري، تلاشت أمام وصوله الى الكرسي الثالثة، فتحولت اللاءات الى نعم ومن ثم الى تنازلات سياسية، فعقد تيار المستقبل جلسات الحوار مع حزب الله، ورشّح الحريري العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية وإنتخبه، وشكل الحكومة بالشراكة مع حزب الله الذي لم يعد برأي رئيس الحكومة يستخدم سلاحه في الداخل اللبناني، وبات وجوده في الحكم بالنسبة له ضرورة، علما أن حزب الله ما يزال يقاتل في سوريا، ولم يسلم سلاحه، ولا المتهمين الى المحكمة الدولية.

والأهم من كل ذلك، هو مصادرة الحريري لشعار ″النأي بالنفس″ وتحويله الى حكمة وطنية لا يمكن ممارسة الحكم من دونها، وذلك بعد حرب شعواء شنها عليه على مدار  ثلاث سنوات من حكم الرئيس نجيب ميقاتي الذي إبتكره، من دون أن يعترف ولو ضمنيا بأنه أخطأ بحقه، وبأنه ظلم طرابلس وأهلها بيوم الغضب الذي تحل ذكراه السابعة اليوم.

هذا الواقع يفرض سلسلة تساؤلات، لجهة: أين ″المارد السني″ الذي خرج في يوم الغضب من التنازلات الكبيرة والكثيرة التي قدمها الحريري من أجل ترؤس حكومة العهد الأولى ومن ثم البقاء في رئاستها؟، ولماذا تم تدفيع طرابلس كل هذه الأثمان الباهظة من سمعتها وإقتصادها، ودماء أهلها وممتلكاتهم، طالما أن التسويات السياسية ستكون سيدة الموقف..

من الواضح أن طرابلس كانت ضحية المصالح السياسية التي حوّلت فقرائها وشبابها الى أدوات لمعارك عبثية، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من دخل السجن، ومنهم من تضرر بممتلكاته، ومنهم من يواجه الفقر والجوع والبطالة، حيث ثبت بالوجه الشرعي أن كل الشعارات التحريضية دفنتها التسويات الحريرية، ما يجعل كثير من الطرابلسيين يطالبون بفتح تحقيق شفاف وجدي بما شهدته مدينتهم من جولات عنف، وبمحاسبة كل من موّل ومن سلح ومن حرّض، وذلك إنصافا للفيحاء التي ما تزال تنتظر الوعود بالانماء وبمسح صورة الحرب عن مناطقها، وإطلاق الموقوفين المظلومين من أبنائها.

Post Author: SafirAlChamal