الحريري بين نارين.. التحالف مع جعجع أو الغضب السعودي… غسان ريفي

فتح وزير الثقافة غطاس خوري في زيارته الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ثغرة في الجدار الذي إرتفع بين بيت الوسط ومعراب، على خلفية أزمة إحتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية وإجباره على الاستقالة، وتحميل تيار المستقبل جعجع مسؤولية ما حصل، وإتهامه بأنه حرّض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الحريري، وأقنعه بأنه ليس مؤهلا لمواجهة حزب الله .

اللقاء جاء في الشكل إيجابيا، أما في المضمون فيبدو واضحا أن لقاء الحريري وجعجع دونه عقبات سياسية كثيرة ربما لن يستطيع “زعيم المستقبل” تجاوزها، في ظل إرتفاع سقف مطالب رئيس القوات، بعد إستلامه زمام المبادرة.

لا يخفى على أحد أن جعجع يتحصن اليوم بالسعودية، وأنه بات الرجل الأول لبنانيا بالنسبة للمملكة، وهذا ما عبر عنه سفيرها وليد اليعقوب الذي قدّم زيارته الى جعجع على كل القيادات المسيحية بمن في ذلك الكاردينال بشارة الراعي، إضافة الى زيارته النائب سامي الجميل، ما أوحى بأن القوات والكتائب يشكلان اليوم الحليفان الأساسيان للسعودية في لبنان.

يدرك جعجع أنه بات يُمسك الحريري من “اليد التي توجعه” خصوصا أن السعودية تريد لـ”تيار المستقبل” أن يتحالف مع القوات والكتائب في الانتخابات النيابية المقبلة، وأن أي دعم سياسي أو مالي للحريري سيكون مرتبطا بهذا التحالف، لذلك فإن جعجع ربما لم يعد متحمسا للقاء الحريري من أجل الصورة أو غسل القلوب فقط، بل يهدف من خلاله الى إعلان التحالف الانتخابي بين المستقبل والقوات.

كما يدرك جعجع أن اللقاء مع الحريري يصبح “لزوم ما لا يلزم” في حال لم يُفض الى تحالف إنتخابي بينهما، وفي نفس الوقت، ليس هناك بنظره أي داع للقاء الصورة، لأن من مصلحة جعجع حينها أن يُظهر نفسه مستفردا في المعركة الانتخابية لكي يحظى بدعم السعودية أكثر فأكثر، وأن يستدر عطف الشارع المسيحي، وجزءا من الشارع الأزرق الرافض لتحالفات الحريري مع التيار الوطني الحر، وتعاونه مع حركة أمل وحزب الله، كما من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام جعجع للتحالف مع المتمردين على الحريري.

أمام هذا الواقع يجد الرئيس الحريري نفسه بين نارين، فهو إذا رضخ للتحالف مع القوات اللبنانية، فإنه سيخاصم حتما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، وسينعكس ذلك سلبا على الحكومة، علما أن الحريري مدين بشكل كبير للرئيس عون الذي إحتضنه ودافع عنه وحافظ على موقعه في رئاسة الحكومة خلال أزمة إحتجازه في السعودية، وكذلك يحفظ للوزير باسيل نشاطه الأوروبي للتخفيف من الضغط السعودي عليه، وهو نتيجة ذلك وبحسب المصادر أبلغ عون وباسيل تحالف تيار المستقبل النهائي مع التيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة.

أما إذا رفض الحريري التحالف مع القوات اللبنانية، فهذا من شأنه أن يثير الغضب السعودي الذي قد يترجم دعما سياسيا وماليا لخصوم الحريري أو للمتمردين عليه، أو الخارجين من تحت عباءته الزرقاء، وهو أمر سيدفع الحريري حكما الى أحضان التيار الوطني الحر وحزب الله، الأمر الذي سيكون له تداعيات سلبية جدا في تيار المستقبل بالدرجة الأولى، وفي الشارع السني بالدرجة الثانية، كما سيؤدي ذلك الى قطيعة سعودية مع الحريري، علما أن مصادر متابعة تؤكد أن السعودية ستعلن موقفها السياسي من لبنان نهاية الشهر الجاري.

Post Author: SafirAlChamal