عدّة المستقبل في الإنتخابات: خلل بنيوي وتصدّع… عبد الكافي الصمد

ضربتان معنويتان كبيرتان تلقاهما ″تيار المستقبل″ في غضون 48 ساعة، من شأنهما أن تتركا تداعيات وتصدّعات كبيرة خلفهما في صفوف ″التيار الأزرق″، الذي يحاول جهده في هذه الأيام لململة قواعده والحفاظ على الحدّ الأدنى منها، قبل قرابة أربعة أشهر من موعد الإنتخابات النيابية في 6 أيار المقبل.

هاتان الضربتان جاءتا من قاعدتين مثلتا وتمثلان ركيزتان أساسيتان أسهمتا على نحو واسع في تمدد ورسوخ نفوذ وشعبية ″المستقبل″ منذ أكثر من عقدين ونصف، وشكلتا على الدوام قلاع هجوم ودفاع عن ″البيت الأزرق″ في مواجهة الخصوم، وهما المشايخ ووسائل الإعلام.

لكن هاتان القلعتان تعرضتا لاهتزازات عدة في المرحلة السابقة، نتيجة الأزمات العديدة التي عانى منها ″تيار المستقبل″، والخلافات الكثيرة التي دبّت في صفوفه، ما أدى إلى تعرّضه لأزمة بنيوية يجد صعوبة في معالجتها، وفي الخروج بأقل الخسائر من تفاقمها وانعكاس ضررها عليه.

الضربة الأولى جاءت، أول من أمس، من الإعتصام الذي نفذه الشيخ سامي الحاج أحمد أمام دار الفتوى في محلة عائشة بكار في بيروت، وكشف فيه الوضع المأساوي الذي يعيشه مشايخ كثيرون أمثاله لا تؤمّن لهم الدار رواتب تكفيهم وتكفي عائلاتهم شر العوز والفقر، ومدّ اليد إلى من يستغلهم ويحرفهم عن تعاليم الدين السمحاء، خصوصاً بعدما كشف الحاج أحمد أن راتبه الشهري لا يزيد على 200 ألف ليرة لبنانية، من غير أي تثبيت في عمله أو طبابة أو منح مدرسية أو رواتب تقاعدية.

أما الضربة الثانية فتلقاها “تيار المستقبل” أمس، بإعلان الموظفين المصروفين تعسفاً من تلفزيون المستقبل، في بيان لهم، أنهم سينظمون إعتصاماً أمام مبنى إدارة التلفزيون في سبيرز (اليوم)، إحتجاجاً على ما أسموه “مماطلة المؤسسة بدفع مستحقاتنا وتنفيذ العقود المستحقة”، وذلك بعد مضي أشهر (24 شهراً وأكثر عند بعد الموظفين) لم يقبضوا فيها رواتبهم، وصرفوا من العمل تعسفاً من غير أن يحصلوا على تعويضاتهم.

طيلة أكثر من عقدين ونصف شكل مشايخ دار الفتوى ووسائل الإعلام التي تدور في فلك ″تيار المستقبل″، غطاءً شرعياً وشعبياً له، يؤيدونه في أي خطوة يقوم بها ويدافعون عنه في مواجهة الخصوم، حتى بات سلاح المشايخ ووسائل الإعلام، إلى جانب عامل المال والخطاب السياسي التحريضي، من الأسلحة الفتاكة التي أكل فيها “التيار الأزرق” الأخضر واليابس، وقضى فيها على خصومه، أو على أقل تقدير حجّمهم باستثناء قلة إستطاعت بالقليل الذي تملكه الصمود والوقوف في وجهه.

على هذا الأساس لا يمكن إعتبار نكستا تيار المستقبل، بما يخص المشايخ و″قلعته″ الإعلامية الزرقاء، تفصيلاً بسيطاً ولا غيمة عابرة، خصوصاً أنهما تأتيان في ظل أزمة مالية خانقة يعاني التيار على خلفية “أزمة” الرئيس سعد الحريري في السعودية، وهما نكستان جاءتا في وقت حرج جداً له، وفي غمرة إستعداداته لإطلاق حملته الإنتخابية وتسمية مرشحيه وإعلان تحالفاته. فكيف سيخوض “التيار الأزرق” الإستحقاق الإنتخابي هذه المرّة، وهل سيذهب إلى الإنتخابات وعدّته ناقصة وتعاني من وهن وتصدّع على أكثر من صعيد؟.

Post Author: SafirAlChamal