عام 2018: النّظام اللبناني على محكّ الإنتخابات النيابية… عبد الكافي الصمد

أربعة أحداث رئيسية طبعت لبنان في عام 2017 الذي يطوي غداً آخر أوراقه، من بين أحداث كثيرة شهدها طوال العام الماضي، وتركت الكثير من التداعيات على التطورات المتلاحقة فيه، والتي ستكون مؤثرة في مجرى أحداث عام 2018 الذي سيبدأ فتح أولى صفحاته بعد غد.

الحدث الأول كان تحرير جرود بلدات عرسال والقاع ورأس بعلبك من مسلحي تنظيم داعش وجبهة النصرة، بعد أعوام من “الضغظ” الأمني، جعل هذه الجرود تشكل عامل توتر داخلي على مختلف الصعد، خصوصاً لجهة المخاوف الكبيرة من احتمال إنتقال نار الحرب السورية إلى لبنان.

أما الحدث الثاني فتمثل في إقرار قانون إنتخابي جديد، بعد تأجيل إمتد 8 سنوات منذ إنتخابات 2009، عندما وعد المسؤولون أن تكون أولى مهام المجلس النيابي الجديد أن يُقرّ قانوناً جديداً للإنتخابات، لكن أكثر من 7 سنوات مرّت، جرى خلالها تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي 3 مرات، من دون إقرار القانون المنتظر، إلى أن أدّت مساعي الأيام الأخيرة من ولاية التمديد الثانية للمجلس النيابي، والضغوطات التي مورست، في التوصل لإقرار قانون إنتخابي ستعتمد فيه النسبية في لبنان لأول مرة، ولو كانت نسبية غير كاملة، إضافة إلى اعتماد الصوت التفضيلي.

إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب كان الحدث الثالث الرئيسي الذي شهده لبنان عام 2017، وهو جاء بعد ضغوطات مارستها القطاعات النقابية، وبعض الجهات السياسية، ضد الحكومة ومجلس النواب، من أجل إقرار قانون السلسلة، نظراً لأن آخر زيادة على الرواتب كانت عام 1998، بالرغم من التضخم الكبير الذي شهدته الأسعار ما أدى إلى عجز مالي كبير لدى أكثر من 300 ألف عائلة، يعمل أحد أو بعض أفرادها في القطاع العام.

وكانت أزمة إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية في 4 تشرين الثاني الماضي، وعودته عنها في بيروت في 22 من الشهر ذاته، هي الحدث الرابع الأبرز في لبنان عام 2017، إذ وضعت هذه الإستقالة التي “أجبر” الحريري عليها لبنان على كفّ عفريت، وأحدثت أزمة عميقة فيه شلّته بالكامل، قبل أن تسفر الضغوطات التي مورست على السعودية، لبنانياً ودولياً، في “الإفراج” عن الحريري.

غير أن أزمة الحريري هذه لم تترك فقط تأثيراً في علاقة لبنان بالسعودية، التي أصبحت باردة بسببها، إنما تركت “ندوباً” ـ وفق تعبير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ـ في علاقة الحريري وتيار المستقبل مع الحلفاء، وعلى رأسهم تأتي القوات اللبنانية، وهي ندوب ينتظر أن تظهر إنعكاساتها الظاهرة اليوم بوضوح في استحقاق الإنتخابات النيابية المقبلة في 6 أيار 2018.

هذه الإنتخابات ستكون بلا شك الحدث الأبرز الذي ينتظره لبنان في العام المقبل، بعد تأجيل إجرائها 3 مرات منذ التأجيل الأول عام 2013، لأنها بفعل القانون الإنتخابي الجديد، والتحالفات التي سيفرضها على القوى السياسية على عكس رغباتهم مصالحهم، ستسفر وفق أغلب التوقعات عن نتائج مفاجئة، أبرزها التحجيم الذي ستتعرض له قوى وتيارات وأحزاب كثيرة، وهي ستتيح الفرصة أمام قوى سياسية للدخول إلى المجلس النيابي، أو العودة إليه، الأمر الذي سيترك أثره على النظام السياسي والطبقة السياسية في لبنان وألية الحكم فيه، وعلى مستقبل البلد لسنوات عدة مقبلة.

Post Author: SafirAlChamal