هل يحاسب الحريري نوابه في الانتخابات المقبلة؟… غسان ريفي

لا يُخفي الرئيس سعد الحريري في جلساته الخاصة إمتعاضه الذي يصل الى حدود الغضب على بعض نواب كتلته، بدءا من الذين إنتقدوا آدائه السياسي في التسوية الرئاسية وخرجوا عن إرادته في التصويت للعماد ميشال عون، مرورا بالذين أشاعوا أجواء ″الاحباط السني″، وصولا الى الذين غردوا خارج “السرب الأزرق” خلال فترة إحتجازه في المملكة السعودية، وسارعوا الى اجراء ″حصر إرث″ سياسي، ليضمنوا حصتهم ووجودهم وتحقيق طموحاتهم في المرحلة المقبلة.

يسمع الحريري في كل يوم خلال إستقباله مناصرين لـ″تيار المستقبل″ من مختلف المناطق، العديد من الانتقادات حول آداء نوابه وكوادره وإبتعادهم عن القواعد الشعبية، وإمتناعهم عن تقديم أي من الخدمات لهم، الأمر الذي يُجبر ″زعيم المستقبل″ على تطييب خواطر المناصرين، والتأكيد لهم بأن الانتخابات المقبلة ستشهد تغييرات جذرية على صعيد النواب، وبأن التيار سيشهد تغييرات مماثلة في الهيكلية الجديدة التي يتم التحضير لها.

لا يختلف إثنان على أن الحريري، يسعى الى الحفاظ على ما كسبه من عطف وتأييد شعبيين خلال فترة إقامته الجبرية في السعودية وبعد عودته الى لبنان، وهو يحاول أن يغطي تنازلاته السياسية، والخروقات التي يتعرض لها مبدأ ″النأي بالنفس″ الذي كان سببا لعودته عن الاستقالة، بالتأكيد على أن كل ما يقوم به هو ″من أجل الأمن والاستقرار، والحفاظ على السلم الأهلي، وحماية الاقتصاد، وإستفادة لبنان من الدعم الدولي بما في ذلك باريس 4″، إضافة الى حديثه الدائم عن الخيانات التي تعرض لها، وعن إتجاهه الى ″بق البحصة″ التي يبدو أنها تفتت وخرجت الى غير رجعة، فضلا عن إطلاقه الوعود للمناصرين بالثأر لهم من النواب الغائبين عن متابعة شؤونهم من خلال إستبدالهم بآخرين في الانتخابات المقبلة.

لكن، هل يستطيع الحريري القيام بهذه المحاسبة؟

ثمة رأيان في ″تيار المستقبل″ حول قضية المحاسبة، الفريق الأول يؤكد أن الحريري يستطيع ذلك، كونه زعيم ″التيار الأزرق″، وبالتالي فإن إختيار المرشحين في كل المناطق يعود له بالتشاور مع الدائرة الضيقة المحيطة به، وأن هذا أمر بديهي جدا، ويعتمده رؤساء كل الأحزاب اللبنانية.

أما الفريق الثاني، فيؤكد بأن محاسبة الحريري لن تكون محقة أو عادلة، لأن أزمة النواب والقيادات والكوادر الزرق كانت إمتدادا لأزمته المالية التي أدت الى إقفال ″حنفية″ المساعدات والخدمات بعد إنتخابات عام 2009، الأمر الذي جعلهم في وضع لا يُحسدون عليه أمام القواعد الشعبية التي تحتاج الى التقديمات المالية والطبية والأكاديمية والتربوية وغيرها.

ويرى هذا الفريق أن التسويات التي دخل فيها الحريري من مفاجأة ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية الى صدمة ترشيح العماد ميشال عون وإنتخابه، ومن ثم تشكيل الحكومة والتعاون مع مكونات قوى 8 آذار، قد أدى الى إرباك وتخبط سياسيين في صفوف كل النواب والقيادات والكوادر الذين وجدوا أنفسهم أمام جملة من التناقضات السياسية، أشعرتهم بالعجز عن التعاطي مع الشارع الغاضب على خيارات الحريري، وأفقدتهم عنصر الاقناع، ما دفع أكثرهم الى الانكفاء بعدما خسروا الحجة السياسية والتقديمات المالية والخدمات.. فعلى ماذا يريد الحريري محاسبة النواب؟

تشير مصادر مطلعة على أجواء ″تيار المستقبل″ الى أن الرئيس سعد الحريري يواجه معضلتين أساسيتين في الانتخابات النيابية المقبلة، الأولى أزمته المالية المستفحلة ستفرض عليه الطلب من مرشحي ″التيار الأزرق″ تمويل حملاتهم الانتخابية ضمن لوائحهم في بيروت وسائر المناطق، والمعروف أن من لا يملك المال لا يملك القرار.

أما المعضلة الثانية فهي أن الحريري لم يعد الأقوى أو الوحيد في الساحة السنية، وأن إستبعاد أي نائب في أي منطقة، ربما يدفعه الى قلب الطاولة والتحالف مع خصوم الحريري وما أكثرهم اليوم.

Post Author: SafirAlChamal