الحريري: ″وظائف بيروت لـ البيارتة″.. لكن ماذا عن طرابلس يا دولة الرئيس؟… غسان ريفي

صارح الرئيس سعد الحريري وفدا من جمعيات بيروتية زاره في بيت الوسط، بالقول: ″إننا في ″تيار المستقبل″ نرى أن كل التوظيفات والتعيينات التي تخص بيروت يجب أن تكون من أهل بيروت، ونقطة على السطر. فالتوظيفات التي ستحصل في بلدية بيروت يجب أن تكون كلها من أبناء بيروت، هذا ما حصل في فوج الإطفاء حيث تم توظيف 96 شخصا من أبناء بيروت، وهو ما يجب أن يستكمل في باقي القطاعات والمراكز، حتى في المجلس الاقتصادي الاجتماعي، هناك 9 من أبناء بيروت. وأنا حريص جدا في التعيينات على مكانة بيروت وحصتها″.

هذا الكلام تلقفه أبناء بيروت المشاركين في وفد الجمعيات بايجابية كاملة، لكنه في الوقت نفسه فتح الباب واسعا أمام مساءلة الرئيس الحريري حول طرابلس التي تغرق إداراتها الرسمية بموظفين من خارجها، وتشهد منذ إنطلاق حكومته عملية إجتياح تتمثل في توظيف من هم من غير الطرابلسيين، الأمر الذي ينعكس سلبا على أبناء العاصمة الثانية الذين يواجهون بطالة مخيفة وأغلبهم من حملة الشهادات العليا.

لا يخفى على أحد، أن موظفي مؤسسات الدولة في طرابلس هم أغلبهم ليسوا طرابلسيين، بدءا من سراي المدينة ومديرياتها ومصالحها وقصر العدل فيها، وصولا الى المالية والعقارية والمساحة ومؤسسة المياه وكهرباء قاديشا والسنترال وغيرها من المؤسسات الرسمية التي يجتاحها موظفون من بشري وزغرتا والكورة والبترون والضنية وعكار، وكذلك فإن أكثرية حراس قلعة طرابلس الأثرية ليسوا من طرابلس.

لا ينته الأمر عند هذا الحد، بل إن طرابلس تشهد على إستبدال موظفين طرابلسيين بآخرين من الأقضية الشمالية لأهداف سياسية وإنتخابية بحتة، حتى أصبح عدد أبناء المدينة في بعض تلك المؤسسات لا يتعدى أصابع اليدين، وليست شركة كهرباء قاديشا ببعيدة عن ذلك، وهي التي شهدت مؤخرا إعتصاما مدنيا إحتجاجا على الاجتياح البتروني السياسي لها، وعلى نقل رئيس مصلحة الموظفين المهندس الطرابلسي باسم خياط الى معمل الحريشة الحراري وإستبداله بموظف من البترون لا يحمل شهادة هندسة.

هذا الواقع يُظهر بأن الرئيس سعد الحريري يتعامل مع أبناء المدن وفق قاعدة ″أبناء الست وأبناء الجارية″، فإذا كانت بيروت هي العاصمة وقد وعد أبناءها بأن التوظيف في مؤسساتها سيكون حصرا لـ″البيارتة″ فإن طرابلس هي العاصمة الثانية، ومن المفترض أن يسري عليها ما يسري على بيروت، وبالتالي فإن التوظيف في مؤسساتها يجب أن يكون حصرا للطرابلسيين.

لا يختلف إثنان على أن طرابلس لها الكثير على الرئيس الحريري، حيث أعطته على مستوى الولاء السياسي ما لم تعطه لأي من القيادات اللبنانية، ومنحته الأكثرية النيابية في دورتيّ عاميّ 2005 و2009.

كما دفع الطرابلسيون ثمنا باهظا من أرواحهم ودمائهم وإقتصادهم وسمعتهم للدفاع عن الحريري والوقوف الى جانبه، ليكتشف أبناء المدينة بعد كل ذلك، بأنهم كانوا شركاء في ″الغرم″، وأن ليس لهم نصيبا من ″الغنم″، فاستمر الحرمان مسيطرا، وبقيت الوعود الحريرية حبرا على ورق، من العشرين مليون دولار لاعادة إعمار خطوط التماس ومسح صورة الحرب عن التبانة والقبة وجبل محسن والمنكوبين، الى التنمية الشاملة وتفعيل المرافق والتوظيفات، إضافة الى عدم صرف مبلغ المئة مليون دولار الصادر بمرسوم عن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، لتغرق طرابلس أكثر فأكثر في بحر الحرمان وترتفع فيها معدلات الفقر والبطالة،  بينما يرى أبناؤها أن الوظائف في مؤسساتها تقدم هدايا الى غيرهم بدعم سياسي واضح لا يحرّك الرئيس الحريري ساكنا حياله.

اللافت هو أن حجم الضغوطات تزداد يوما بعد يوم على طرابلس وأهلها على كل صعيد، وبدل أن تعلن الحكومة أو الدولة مجتمعة خطة طوارئ لانقاذ عاصمتها الثانية، تُمعن أكثر فأكثر في حرمانها وإهمالها، وصولا الى إنقطاع التيار الكهربائي ومعه المياه لأيام عدة عن بعض مناطقها، ليجد الطرابلسيون أنفسهم بدلا من أن يطالبوا بحقوقهم في وظائف الفئة الأولى، وبالتوظيف داخل مؤسسات مدينتهم، وبالاعفاءات الضريبية عن السنوات التي شهدت فيها المدينة حربا مستمرة أدت الى إنهيار إقتصادي شبه كامل، يسعون وراء تحقيق أبسط حقوقهم من الكهرباء والماء والطرقات.

وإذا كان الرئيس الحريري يسعى اليوم الى إرضاء أهالي بيروت بحصر التوظيفات بـ”البيارتة” لكسب ودهم إنتخابيا في الاستحقاق النيابي المقبل، فكيف سيتعاطى مع أبناء طرابلس التي أعلن مرارا وتكرارا وعند كل زيارة له أو لأحد أركانه بأنها في القلب؟، هنا تبرز حقيقة واحدة وهي أن أوان المحاسبة قد حان، وإن يوم الانتخابات لناظره قريب.  

Post Author: SafirAlChamal