المستقبل بين خيارين في استحقاق 2018: المرّ والأمرّ… عبد الكافي الصمد

في الوقت الذي ما تزال فيه معظم الأحزاب والتيارات والقوى السياسية على اختلافها تتكتم على مواقفها المتعلقة بتحالفاتها ومرشحيها في الإنتخابات النيابية المقبلة في 6 أيار 2018، سارع عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل والنائب السابق مصطفى علوش، أمس، إلى التصريح في حديث إذاعي بأن تياره ″سيخوض الإنتخابات النيابية في دائرة طرابلس ـ الضنية ـ المنية منفرداً″.

هذا الموقف اللافت يعاكس الموقف الذي أعلنه زعيم ″التيار الأزرق″ الرئيس سعد الحريري قبل مدّة، من أن تياره يعمل لتأليف لائحة في الدائرة الإنتخابية المذكورة، بالتحالف مع النائب محمد الصفدي، ما طرح أسئلة حول أيّ الرأيين أقرب للواقع، وعن حقيقة موقف ″تيار المستقبل″ فعلياً من أمر التحالفات، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولات ″جس نبض″ وتبادل أدوار معروفة عادة قبل كل إنتخابات؟

ومع أن الحريري لم يشرح أسباب ودوافع إحتمال تحالفه مع الصفدي، وإن رجّح كثيرون في عاصمة الشمال بأنه تحالف ينظر إليه الحريري على أنه سيشكل على نحو واسع ″رافعة″ للائحته، وهو تحالف موجّه بالدرجة الأولى للرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي، فإن علوش كشف عن الدوافع التي تجعل التيار يخوض الإنتخابات بلا حلفاء.

فقد رأى علوش أن ″الحديث عن تحالفات لا يزال سابقاً لأوانه، لأنه مرتبط بالكثير من المعطيات، ولأن القانون النسبي يصعّب رسم الحصص″، موضحاً بعض ما يجري من مناقشات داخل ″التيار الأزرق″ بهذا الخصوص.

ولعل مقارنة موضوعية بين موقفي الحريري وعلوش يجعل ما قاله الأخير أقرب الى المنطق، وأكثر واقعية، لأن القانون الإنتخابي الجديد القائم على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي، لن يعطي اللائحة التي ستحتل المرتبة الأولى في دائرة طرابلس ـ الضنية ـ المنية أكثر من مقعدين من أصل خمسة مقاعدة سنّة مخصصة لطرابلس، ما يعني أنه لا توجد مصلحة لتيار المستقبل بالتحالف مع أحد، لا الصفدي ولا غيره، وكذلك لا توجد مصلحة للصفدي وغيره بالتحالف مع ″التيار الأزرق″.

من المعروف أن لـ″تيار المستقبل″ مرشحين سنّة رئيسيين في طرابلس هما وزير العمل محمد كبارة والنائب سمير الجسر، وبالتالي فإن أي مرشح سنّي رئيسي ثالث معهما لن يجعله إلا رافعة للائحة الزرقاء، وسيتحول الى كبش محرقة، وهو أمر يعرفه الصفدي وغيره من المرشحين الأقوياء في هذه الدائرة، ما يُفسّر تريّث هؤلاء بحسم أمر تحالفهم مع ″المستقبل″ أو مع سواه.

غير أن التناقض بين موقفي الحريري وعلوش لا يعود إلى هذا الجانب فقط، فهناك أسباب أخرى وراء عدم التطابق بين الموقفين، أبرزها أن احتلال لائحة “تيار المستقبل” المرتبة الأولى في هذه الدائرة غير مضمون، في ظل وجود منافسين أقوياء كميقاتي وريفي والوزير السابق فيصل كرامي، إضافة إلى الصفدي، ما يعني أن تحالف إثنين من هؤلاء مع بعضهما سيجعل لائحتهما مرشحة لتقدم اللوائح الأخرى والفوز بمقعدين سنّة، إلا إذا اتخذت القيادة الزرقاء قراراً ″موجعاً″ بالتضحية بأحد مرشحيها، كبارة أو الجسر من أجل التحالف الصفدي، وهو قرار لا يبدو أنه يحظى بقبول داخل القلعة الزرقاء.

هكذا خطوة تعني أن ″التيار الأزرق″ سوف يخسر نائباً ليس مضموناً تعويضه في مكان آخر، فالتيار الذي حصل في انتخابات 2009 على 7 نواب في هذه الدائرة، من أصل 11 نائباً، لن ينال فيها في ظل القانون الجديد أكثر من 5 نواب على الأكثر إذا احتلت لائحته مع حلفائه المرتبة الأولى، وهو أمر مشكوك بأمرة بنسبة كبيرة، أما إذا فضّل تيار المستقبل تشكيل لائحته منفرداً من غير التحالف مع أحد، فإن أقصى ما يمكنه الحصول عليه 3 نواب، لكن من غير إسقاط مفاجآت كثيرة قد تحصل، مثل تلقي ″التيار الأزرق″ في هذه الدائرة هزيمة نكراء ليست في حسبانه أبداً.

Post Author: SafirAlChamal