الحريري لم يبقّ البحصة.. هل بلعها؟… عبد الكافي الصمد

طارت ″بحصة″ الرئيس سعد الحريري التي كان من المنتظر أن ″يبقّها″ اليوم الخميس مع الزميل مارسيل غانم في برنامج كلام الناس على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، بعد ضغوطات وإتصالات ربما تكون دفعته الى الاحتفاظ بها.

بعدما راجت معلومات يوم الإثنين الماضي عن أن الحريري سوف يطل اليوم كي ″يبقّ بحصته″، التي قال إنها كبيرة، وأنه سيسمي الذين خانوه وطعنوه في الظهر إبان أزمته في السعودية، طرأ تعديل على الموعد وجرى تأجيله إلى يوم الخميس المقبل في 21 الجاري، قبل أن يلغى الموعد كله إلى موعد سيحدد لاحقاً، ولتبقى بحصة الحريري سراً مدفوناً إلى حين.

أسباب ودوافع كثيرة فرضت على الحريري تأجيل ″بقّ بحصته″، ما أثار تساؤلات إن كانت تمنيات أو ضغوطات مورست عليه أو إتصالات أجريت معه، ليؤجل كشف ما تعرض له في السعودية، وهو ما نفاه أمس إبن عمته الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، بقوله إن الحريري ″لم يتعرّض لضغوطات″ كي يؤجل ″بقّ البحصة″.

غير أن بحصة الحريري كانت موضع ملاحظات عدة توقف عندها المراقبون، من أبرزها:

أولاً: إن تلويح الحريري ″ببق بحصته″ التي حملت تهديداً مبطناً لمن خانه وطعنه في الظهر خلال أزمته في السعودية، من المؤيدين والحلفاء، حملت جانباً إيجابياً وآخر سلبياً في آن معاً. الجانب الإيجابي تمثل في مسعى الحريري الجدّي بمحاسبة الخونة وفضحهم على رؤوس الأشهاد كي يكونوا عبرة لغيرهم، ووضع حدّ لمسلسل تآمرهم الطويل عليه. أما الجانب السلبي فيتمثل في أن كشف هؤلاء سيجعلهم ينقمون عليه ويسبّبون له المتاعب قبل أشهر من الإنتخابات النيابية، ما سيحدث شرخاً داخلياً قد لن يستطيع الحريري معالجته في وقت قصير، ولو أن الحريري قام بتصفية حساباته معهم بهدوء وبلا ضجيج لكان أفضل له، لكن الحنكة والمكر والدهاء السياسي عناصر إفتقدها على ما يبدو في مقاربة هذه المسألة.

ثانياً: مع أن الحريري لم يكشف أي إسم من الذين خانوه وطعنوه بالظهر، فإن لائحة أسماء باتت تروّج في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي، لا يبدو أن أصابع فريق الحريري السياسي والإعلامي بعيدة عنها، من أبرز هذه الأسماء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وزير الإتصالات جمال الجراح، الوزير السابق أشرف ريفي، النائب أحمد فتفت، النائب السابق فارس سعيد والكاتب رضوان السيّد وسواهم. أما الرئيس فؤاد السنيورة فإن أمره لم يحسمه الحريري بعد.  

ثالثاً: ما لم يقله الحريري، قاله إبن عمته أحمد الحريري أمس، خلال مقابلته مع قناة الجديد، في عملية توزيع أدوار مدروسة، بعدما إتهم الوزير السابق أشرف ريفي وغيره بأن ″زوادتن″ كانت من الحريري، باعوها واشتروا فيها خناجر لطعنه”، مطالباً القوات اللبنانية “بتوضيحات عن المرحلة الماضية”، ما استدعى ردّاً عنيفاً من ريفي إتهم فيه الحريري ″بالإستكانة والخيانة″، وسجالاً حاداً بين مسؤول الإعلام في تيار المستقبل عبد السلام موسى ونظيره في القوات اللبنانية شارل جبور.

رابعاً: ليس مستبعداً أبداً أن تكون قوى خارجية مؤثرة في قرار الحريري، كالسعودية والولايات المتحدة، مارستا ضغوطاً عليه لعدم “بق بحصته” وكشف أسماء واتهامها بأنها خانته وغدرت به وطعنته في الظهر، لأن هناك شخصيات كثيرة داخل تيار المستقبل وفي فريق 14 آذار، تعتبر بمثابة “ودائع” لهاتين الدولتين زُرعت في محيط الحريري، وبالتالي فإنهما لن تسمحا أبداً بكشف هؤلاء، إعلامياً وسياسياً وشعبياً.

على هذا الأساس يمكن فهم تريث الحريري في ″بق البحصة″، وحتى بلعها، ومن هنا وحتى ″يبقها″ فإن ″سكاكين″ سياسية عدة تتحضر للطعن ضمن الفريق الواحد، خصوصاً خلال الأشهر التي تفصل عن الإنتخابات النيابية في أيار من العام المقبل، الأمر الذي يجعل البحص الذي سيبقّه الحريري وسواه، لاحقاً، كثيراً جداً.

Post Author: SafirAlChamal