لماذا يتخوّف الحريري من الانتخابات النيابية؟… غسان ريفي

يدرك ″تيار المستقبل″ أن الانتخابات النيابية المقبلة، لن تكون نزهة، وهي لن تشبه الدورتين الماضيتين في عامي 2005 و2009، اللتين خاضهما تحت شعارات ″كشف حقيقة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري″ والعداء للنظام السوري وحزب الله وقوى 8 آذار، وإستطاع الرئيس سعد الحريري من خلالهما الحصول على أكبر كتلة نيابية ما يزال يستخدمها ليتربع على عرش الزعامة السنية التي تشير كل الاحصاءات الى أنها لم تعد معقودة له وحده، بعدما أصبح له أكثر من شريك في الساحة السنية.

يبدو واضحا أنه بعد إنتهاء أزمة إحتجاز الرئيس الحريري في السعودية وعودته الى لبنان، وتراجعه عن الاستقالة، وإحيائه التسوية التي تجمعه مع التيار الوطني الحر وحزب الله، وإنطلاق عجلة الدولة من جديد، لم يعد أمام “تيار المستقبل” وغيره سوى الاستعداد للانتخابات النيابية التي من المفترض أن تجري في أيار المقبل، وتتوافق كل الأطراف السياسية على ضرورة إجرائها في موعدها.

لا يخفي كثير من قيادات ″المستقبل″، أن الرئيس سعد الحريري يتخوف كثيرا من الانتخابات ويحمل همّ خوضها لأسباب عدة أبرزها:

أولا: الأزمة المالية المستفحلة، التي ستجعل الرئيس الحريري يفرض على مرشحيه أن يتحملوا عبء النفقات الانتخابية وتمويل اللوائح، وفي ذلك تخوف كبير من أن يفسد التمويل الذاتي لكل مرشح إلتزامه بالقرار السياسي، لأن من لا يدفع لا يملك القرار، علما أنه في ظل القانون الانتخابي الحالي الذي يعتمد الصوت التفضيلي، وبما أن كل مرشح موجود على اللوائح بماله الخاص، فإن المنافسة ضمن تلك اللوائح ستكون أقسى بكثير من المنافسة مع الخصوم على قاعدة ″يا رب نفسي″ أو ″أنا ومن بعدي الطوفان″.

ثانيا: غياب الشعار السياسي في ظل التعاون المفروض على الحريري مع التيار الوطني الحر وحزب الله ضمن الحكومة، حيث أن الحديث عن التضحية من أجل الأمن والاستقرار وسلامة الاقتصاد ربما يؤدي الى تعاطف جزء من الشارع اللبناني عموما والسني خصوصا، لكنه لا ينتج عصبا كما كان يحصل في السابق، لا سيما أن السواد الأعظم من الجمهور السني بات يعتبر حديث الحريري عن الاستقرار تغطية لتسليمه البلد الى التيار والحزب، كما أن المنافسة الداخلية ضمن اللوائح الزرقاء ستجعل العديد من نواب المستقبل أو مرشحي الحريري الجدد يغردون خارج ″السرب السياسي″ لرئيس الحكومة طالما أن التمويل هذه المرة من جيوبهم.

ثالثا:  الضياع المسيطر على قيادات المستقبل، والناتج عن تخبط الحريري في مواقفه السياسية بين مواجهة حزب الله ومهادنته، وبين التمسك “بالنأي بالنفس”، وبين الخروق التي يتعرض لها، حيث يشير مستقبليون الى أنه منذ إحياء التسوية تعرض هذا ″النأي بالنفس″ لخرقين واضحين، ولأكثر من خرق إعلامي وكلامي.

رابعا: قرار الحريري باستبعاد عدد من النواب أو الطامحين لخوض الانتخابات، وإمكانية أن ينقلب هؤلاء عليه، أو أن يسعوا مع بعض المتمردين الى شق صف ″المستقبل″، خصوصا إذا إذا ما إستمر الجفاء مسيطرا على علاقة الحريري بالمملكة العربية السعودية.

يؤكد قياديون مستقبليون أن الكتلة النيابية الزرقاء التي تضم 30 نائبا اليوم، بعد خروج خالد الضاهر منها، وإستقالة روبير فاضل، ووفاة بدر ونوس، ستخسر عددا كبيرا من النواب، لافتين الانتباه الى أن التيار اليوم في وضع لا يحسد عليه، بسبب تغيير الموقع السياسي والخطاب، والانتقال من ثورة الأرز ومواجهة حزب الله، الى مرحلة اللاموقف، في وقت ما يزال فيه كل الخصوم على موافقهم التي تجعل شارعهم يميل إليهم أكثر فأكثر.

ويرى هؤلاء أن الدعم الاقليمي للخصوم يتنامى يوما بعد يوم، بينما من يُفترض بها أن تحتضن وتدعم الرئيس الحريري أي ″السعودية″ أساءت إليه وإحتجزته، وهي دفعته سابقا في العام 2009 الى زيارة سوريا تحت شعار إتفاق “السين سين”، ليجد نفسه في العام 2017 مضطرا الى التعاون مع التيار الوطني الحر وحزب الله، وكل ذلك لن يمر مرور الكرام في الانتخابات النيابية المقبلة، وهذا ما يجعل تخوف الرئيس الحريري من هذا الاستحقاق مشروعا. 

Post Author: SafirAlChamal