القدس عاصمة العرب.. إنها الفرصة الأخيرة… غسان ريفي

شكل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب باعلان القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي الغاصب، فرصة سانحة لأن يجمع العرب شتاتهم، وأن يستفيقوا من سُباتهم العميق، وأن يُعيدوا تصويب ″البوصلة″ تجاه قضيتهم المركزية فلسطين.

إنفجر قرار ترامب المشبوه في فلسطين التي تشهد بوادر إنتفاضة جديدة سيكون لها وقعها السلبي على جيش الاحتلال والكيان الغاصب، وأدى الى تحريك الشارع العربي الذي لا يملك سوى التظاهرات والهتافات ورفع اليافطات وإحراق الاطارات إذا تسنى له، للتعبير عن غضبه في ظل القيود المفروضة عليه والحدود المقفلة في وجه شبابه، وتهم الارهاب الجاهزة لكل من تسول له نفسه أن يحدثها بالجهاد الحقيقي لتحرير القدس السليب والأقصى الأسير.

إنشغل حكام العرب كعادتهم باجراء الاتصالات فيما بينهم للبحث في آخر المستجدات، وبعضهم إكتفى بالاستنكار، وبعضهم الآخر لم يحرك ساكنا بعدما أعطى سيد البيت الأبيض صكوك الاستسلام، والموافقة على بيع فلسطين والتطبيع مع العدو الصهيوني والاعتراف بدولته المسخ.

لن يستطيع العرب تحريك جيوشهم باتجاه فلسطين، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وذلك بالرغم من المقدرات المالية والعسكرية الكبرى التي تستخدم فقط في قمع الشعوب العربية، وفي الصراعات الاقليمية التي لا شك في أنها تريح إسرائيل وتجعلها أكثر قوة ومنعة، بعدما إنشغل الجميع عنها بالفتن المذهبية، وفي الفتن الداخلية، وفي تسليح العرب ضد العرب، وفي تحريض المسلم على قتل أخيه المسلم، من دون قضية تذكر، بينما القضية العربية المركزية تضيع يوما بعد يوم بين متآمر ومتواطئ ومتخاذل وعاجز ومستسلم.

وإذا كان حكام العرب غير قادرين اليوم على إتخاذ قرارات جريئة وتاريخية لانقاذ فلسطين من محنتها بتهويد عاصمتها الأبدية القدس، فالأحرى بهم أن يحافظوا على شيء من الكرامة العربية، بوقف التطبيع والتبشير به، وقطع العلاقات مع العدو بشكل جدي ونهائي، وعدم التآمر على المقاومة داخل فلسطين وخارجها، وعدم قمع شعوبهم وإطلاق حريتهم في التعبير عن غضبهم، وتأمين مستلزمات الصمود للشعب الفلسطيني الذي يواجه الترسانة العسكرية الاسرائيلية بالصدور العارية، وتخفيف التوترات فيما بينهم، ومن ثم بينهم وبين شعوبهم، وتفعيل عمل الجامعة العربية، وإعطاء قيمة لقممهم التي تغيب عنها ″أدوات الجزم″ لمصلحة عبارات هي أقرب الى الاستجداء.

إن الادارة الأميركية وعلى رأسها ترامب ومعها الكيان الاسرائيلي الغاصب لن يقيموا وزنا للعرب حكاما وشعوبا وقبائل وعشائر إذا لم يشعروا بالغضب العربي ساطعا، وبجدية القرارات التي من شأنها أن تهدد مصالحهم بشكل فعلي والأمثلة على ذلك كثيرة.

عندما أحرق اليهود المسجد الأقصى للمرة الأولى في العام 1969 لم يتوقع عقل بشري أن يلتزم العرب ضبط النفس وأن يصمتوا ويكتفوا ببيانات الاستنكار.. عندها قالت رئيسة الوزراء الاسرائيلية غولدا مائير كلمتها الشهيرة: عندما تم إحراق المسجد الأقصى لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون فلسطين أفواجاً من كل صوب، لكني عندما طلع الصباح و لم يحدث شيئا، أدركت أن بإستطاعتنا فعل ما نشاء.. فهذه أمة نائمة”.

ومنذ ذلك الحين تتوالى الاعتداءات والانتهاكات، الى أن وصلت اليوم الى مفترق طرق، من خلال إعلان القدس الشريف عاصمة للكيان الصهيوني، ما يضع العرب أمام الفرصة الأخيرة التي لا ينفع معها الشجب والاستنكار، فإما المواجهة للحفاظ على القدس وعلى الكرامة العربية، وإما السقوط الكبير بوضع الحجر الأساس لحلم إسرائيل الكبرى من البحر الى النهر.

Post Author: SafirAlChamal