الردّ الوحيد على قرار ترامب.. المقاومة… عبد الكافي الصمد

كان متوقعاً ومرتقباً القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، بعد الإعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة للكيان الصهيوني، فمنذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة لم يكن السؤال هل يتخذ رئيس الدولة العظمى في العالم هذا القرار، إنما السؤال متى يفعل ذلك؟.

لكن بعيداً عن الدوافع والأسباب والمبررات والضغوطات التي مورست على ترامب من أجل اتخاذه هكذا قرار، فإن صراخ واعتراض الفلسطينيين والعرب والمسلمين على قرار ترامب، وبيانات إستنكارهم وتظاهراتهم وحرقهم أعلام أميركا وإسرائيل لن يُغيّر من واقع الأمر شيئاً.

منذ عام 1948، أو ما يُطلق عليه عام النكبة، مروراً بعام 1967 الذي أطلق عليه عام النكسة، فضلاً عن إجتياح لبنان عام 1982، وعدوان تموز عام 2006، والعدوان على قطاع غزة عام 2008، وصولاً إلى خطوة ترامب هذا العام لم يغير موقف الفلسطينيين والعرب والمسلمين موقف إسرائيل، ولا حتى قبولها شكلاً المبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، إذ بقيت تتعامل مع الآخرين بمنطق القوة والإحتلال والتوسع والعدوانية والهمجية، بينما كان ضحاياها الفلسطينيون والعرب يرفعون لها الرايات البيضاء ويلوحون لها بحمائم السلام الأبيض، بدلاً من أن يردّوا لها الصاع صاعين، ويستخدموا معها المنطق الوحيد الذي تفهمه وهو منطق القوة والمقاومة.

طيلة نحو 70 عاماً تقريباً، والفلسطينيون والعرب والمسلمون يدورون في حلقة مفرغة، متجاهلين أن مقاومة الإحتلال الإسرائيلي وحدها التي تجبره على الإندحار والإنسحاب من الأراضي المحتلة، وأنه إذا لم تكسر شوكته ويمرغ أنفه بالتراب، فإنه لن يستجيب لأي مبادرة سلام، ولن يلتزم بأي قرار دولي، ولن يراعي أي شرعة إنسانية.

عندما قاوم الفيتناميون الإحتلال الأميركي لبلادهم، رفضوا عقد أي جلسة تفاوض معهم قبل إنسحابهم كليّاً من بلادهم، وبقوا ثابتين على موقفهم إلى أن أجبروا الأميركيين على الإنسحاب بالقوة من أراضيهم وتحت ضغط ضرباتهم الموجعة.

لكن الفلسطينيين والعرب والمسلمين لم يسيروا على خطى الفيتناميين، وهم لو فعلوا لانتهى الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ سنواته الأولى، فكان تقاعسهم عن مقاومة هذا المحتل الصهيوني سبباً في ضياع قسم من فلسطين، ثم كان قبولهم بتقسيم فلسطين إلى دولتين سبباً في ضياع قسم آخر، وكانت موافقتهم على التفاوض مع الإسرائييلين في مؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو سبباً في ضياع قسم آخر جديد من فلسطين، إلى أن جاء قرار ترامب الأخير ليضيع ما تبقى من رمز للقضية الفلسطينية، ألا وهو مدينة القدس الرمز التاريخي للقضية.

مرتان فقط رضخت إسرائيل للعرب منذ تأسيسها، الأولى عام 2000 عندما أجبرتها ضربات المقاومة اللبنانية وحزب الله على الإنسحاب من جنوب لبنان، والثانية بعد ذلك بسنوات قليلة عندما انسحبت القوات الإسرائيلية تحت ضربات المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة المحتل.

الإسرائيليون لا يفهمون إلا لغة واحدة، هي لغة القوة والمقاومة ليندحروا عن فلسطين كلها من النهر إلى البحر، وأن تعود إلى أهلها ويعود أهلها إليها، وغير ذلك هو مضيعة للوقت وهدر للطاقات والجهود.

Post Author: SafirAlChamal