الحريري والخصوم الجدد: السلطة أهم من الشعارات… عبد الكافي الصمد

يشبه خطاب العداء السياسي الذي يتوجه به تيار المستقبل إلى خصومه، اليوم، الخطاب السياسي الذي استخدمه عام 2005 غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط من ذلك العام، مع فارق في أسماء الخصوم والتاريخ فقط، أما مضمون الخطاب فبقي على حاله تقريباً.

في ذاك العام، وطيلة الأعوام الأخرى اللاحقة، كان خصوم التيار الأزرق يشكلون مروحة واسعة في داخل لبنان وخارجه، من حزب الله إلى المعارضة السنّية والأحزاب والقوى والشخصيات السياسية كافة التي تدور في فلك فريق 8 آذار، والأجهزة الأمنية والنظام السوري وإيران، حتى بدا الحريري وحلفاؤه وكأنهم يواجهون نصف الكون تقريباً.

دار الزمن دورة كاملة خلال 12 عاماً بالنسبة للحريري وتياره، كان خصومه يقلون ويتناقصون عاماً بعد عام، حتى أنه بعد نصف دزينة من السنين لم يبق من ضمن من هم على لائحة خصومه إلا النظام السوري، ولو على استحياء، مع أن أحداً من هؤلاء الخصوم لم يُغيّر لا مواقفه ولا خطاباته ولا سياساته ولا تحالفاته، إنما الذي تغيّر هو الحريري وخطابه فقط.

خصوم اليوم بالنسبة للحريري وتيار المستقبل هم أبناء التيار الأزرق نفسه وحلفاؤه خلال السنوات الصعبة التي مرّوا بها، وعلى رأسهم يأتي الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي والنائب خالد ضاهر، الذين تلقوا أخيراً تهديدات علنية على وسائل التواصل الإجتماعي من مناصري تيار المستقبل في الشمال، يتوعدونهم علناً أن ″تيار المستقبل سيتصرف معكم بعد الإنتخابات النيابية، وسيخرجكم من الشمال ورؤوسكم بالأرض منحنية″.

هكذا إذاً، لم يبق من خصوم الحريري وتيار المستقبل إلا هؤلاء الذين شقوا عصا الطاعة ورفعوها في وجهه، ورفضوا السير في سياساته، التي برأيهم، ولو كل طرف من وجهة نظره، أسهمت في خسارة مكتسبات كثيرة، وبالتفريط بمواقع الطائفة السنّية في الحكم، وعلى رأسها موقع رئاسة الحكومة، وبانتهاج سياسة أدت إلى تأزيم الواقع السياسي والأمني والإقتصادي في لبنان.

غير أن عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، وهو الأمر الوحيد الذي بات يعنيه ويتمسك به، جعله يسقط كل خصومه السابقين تقريباً من حسبانه، ولم يعد في نظره يوجد خصوم له سوى الذين ينافسونه على اقتسام الشعبية في الشارع السنّي، وسحب بساط ″الزعيم السّني″ الأول من تحت قدميه، إلا ميقاتي وريفي وضاهر، لأن هؤلاء تحديداً يأكلون إنتخابياً وشعبياً من صحنه، ولذلك هم ـ برأيه ـ يشكلون خطراً وجودياً على حياته السياسية وينبغي مواجهتهم.

وتنبع مخاوف الحريري من هؤلاء المنافسين على أساس أن خطابه السياسي الذي بنى عليه زعامته وإرثه السياسي قبل 12 عاماً، ركز على نقاط سياسية محددة لم يبق منها أي شيء تقريباً، إذ أخذ ريفي وضاهر منه خطابه التصعيدي السابق وتبنياه ما أكسبهما في الشارع السنّي تعاطفاً وتأييداً على حساب الحريري الذي تراجع في شارعه، وفي المقابل قلد الحريري ميقاتي في خطاب الوسطية والإعتدال والنأي بالنفس، ما جعله يفقد هويته السياسية السابقة ولا يكسب هوية سياسية جديدة.

Post Author: SafirAlChamal