هل أحبط الحريري ″الحركة التصحيحية″ في تيار المستقبل؟… غسان ريفي

بدا سعد الحريري في باريس أكثر حرية مما كان عليه في السعودية، فاستعاد إبتسامته وحيويته  اللتين كانتا مفقودتين، فضلا عن طرافته التي أظهرها على درج الأليزيه لدى إستقباله زوجته لارا وإبنه حسام مع الرئيس إيمانويل ماكرون وزوجته.

منذ وصوله الى باريس، فتح الحريري كل إتصالاته عبر هاتفه، بعد 13 يوما من الغياب شبه التام إلا من ″الكلمة اللازمة″ قولا أو كتابة، ما يؤكد أنه في السعودية كان ثمة تضييق غير مسبوق عليه، إذا كان المقربون منه ما زالوا يرفضون الاعتراف بكلمات ″الاحتجاز″ أو ″الاقامة الجبرية″.

اللافت هو أن أشخاصا محددين سُمح لهم بالذهاب الى باريس ليكونوا الى جانب الرئيس سعد الحريري، ما فُسّر على أن هؤلاء هم الدائرة الضيقة المخلصة لـ″زعيم المستقبل″ والتي يأمن لها، وفي مقدمة هؤلاء عمته بهية ونجلاها نادر (رأس حربة التسوية المغضوب عليه سعوديا) وأحمد، إضافة الى نهاد المشنوق،و غطاس خوري، وباسم السبع، وهاني حمود، ونديم قطيش، والفريق الخاص المحيط دائما بالحريري.

لم يعد خافيا على أحد أن سعد الحريري تعرض لمؤامرة موصوفة، صحيح أن أبطالها قيادات سياسية من خارح المستقبل أو من المتمردين عليه، نجحوا في إقناع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن ″رئيس حكومة لبنان ملتزم بتفاهمات مع رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله وأنه لم يعد قادرا على الحكم ولا بد من إستبداله″، لكنها في الوقت نفسه أغرت رموزا مستقبلية وكوادر مقربة منهم، فانزلقوا الى حدود التآمر على الحريري سواء عن قصد أو عن غير قصد، وعملوا على تمهيد الطريق للشقيق الأكبر بهاء الحريري، قبل أن تسارع العائلة الى رفع السواتر عليها وقطعها، ما أدى الى تجميد القرار السعودي المتعلق بهذا الشأن من دون إلغائه.

وما يؤكد ذلك، هو ما كشفت عنه أمس صحيفة إسبانية من أن وزير الخارجية عادل الجبير قال أمام دائرة ضيقة من الصحافيين: ″إن السعودية أيدت الحريري منذ البداية، لكن التحديات تغيرت اليوم، والرجل لم يعد قادرا على الحكم كما يشاء″، وكان ردد شيئا من هذا القبيل الوزير ثامر السبهان الذي تشير معلومات الى أن حديثه المتواصل عن ضعف الحريري قد جعل بعض الرموز المستقبلية يعتقدون أن الأمر بالنسبة لسعد قد إنتهى، ما دفعهم الى السعي ليكون لهم حصة في “التركة” السياسية.

تشير المعلومات الى أن الرئيس الحريري بات على إطلاع كامل بالمخطط الذي كان يهدف الى الاطاحة به، كما بات لديه ملفا كاملا بأسماء كل المتورطين أو الذين تعاطوا مع ″الحركة التصحيحية″ بايجابية، علما أن من بين الأسماء من كانوا ينتقدون في الجلسات الضيقة آداء الحريري السياسي منذ توليه الحكومة، ومن شعروا خلال السنة الأولى من العهد بأن نفوذهم قد تقلص بفعل التسوية الرئاسية، لذلك حرص هؤلاء الى عدم السفر الى باريس بعدما وصلتهم إشارات بأن الحريري لا يرغب بلقائهم أو الاجتماع بهم.

وتؤكد هذه المعلومات أن بعد عودة الحريري الى لبنان وإنتهائه من موضوع الاستقالة، والبحث مع رئيس الجمهورية حول ملامح المرحلة المقبلة، فإنه سيجري حملة تطهير ضمن تياره، وخصوصا من ثبت تورطهم بالانقلاب عليه أو بالسكوت عنه أو الترويج لهذا الانقلاب، وتلفت هذه المعلومات الى أن بعض المتورطين بدأوا بالتواصل مع قيادات سعودية لاعادة  وصل ما إنقطع بينهم وبين الحريري.

يقول مطلعون: إنه بعد تجميد قضية بهاء الحريري سعوديا، وإنكفائه وإصداره بيانا يؤكد فيه دعم خطوات شقيقه، من المفترض أن يعود سعد الحريري للامساك بكل مفاصل تيار المستقبل بيد من حديد، وهو سيقوم حتما بحملة تطهير داخله ربما لن تظهر نتائجها إلا في الانتخابات النيابية المقبلة، وذلك بعدما أدرك أن حالة الاسترخاء التي كانت سائدة كادت أن تطيح به.

ويضيف هؤلاء: إن الحريري مكلف بانتاج تسوية جديدة في لبنان تراعي توجهات السعودية وبيان مجلس وزراء الخارجية العرب الذي صدر بالأمس، فإما أن ينجح ويستمر في الحكم، وإما أن يفشل وينكفئ ويغيب عن المشهد السياسي في لبنان، عندها سيكون وضع البلد ووضع تيار المستقبل، مفتوح على كل الاحتمالات.

Post Author: SafirAlChamal