السجون اللبنانية: هنا تُنتهك كرامة الفقراء والضعفاء… عمر ابراهيم

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات في لبنان دفاعا عن الحريات والسيادة وصونا لكرامة الوطن وقياداته ومؤسساته، في مشهد يعطي انطباعا عن حالة الانفصام التي يعيشها بعض المسؤولين، ونظرتهم الدونية لشريحة من المواطنين تعيش كل صنوف الذل والظلم وانتقاص الكرامة .

هذا البكاء والاستفاقة المفاجئة على الحريات والكرامة الانسانية والوطنية عند البعض، لم نشهدها يوما في  ذكر ″المظلمة″ الواقعة على آلاف المسجونين المحكومين منهم او الموقوفين على ذمة التحقيق، لا سيما في نظارات المخافر والسرايات حيث “يتكدس” الموقوفون من لبنانيين وسوريين وغيرهم فوق بعضهم البعض دون ان يحرك ذلك ساكنا عند المسؤولين .

لم تنفع كل التقارير الدولية والمحلية ولا صرخات المواطنين أو المسجونين في تذكير السلطة السياسية الغارقة في خلافاتها، بالقنابل الموقوتة الموجودة خلف القضبان في زنازين ضيّقة مظلمة يقبع فيها سجناء بعدد أمتارها، ينتظرون وعودا بتحسينات وتقديمات وخدمات يبدو أنها ما تزال غير قابلة للتنفيذ.

ولم تنفع كل تحركات التمرد والعصيان سابقا في إعادة تذكير السلطة القضائية بالعدالة البطيئة، وبضرورة الإسراع في إيجاد معالجات ناجعة لكثير من ملفات السجناء التي تحتاج الى إدغام في الأحكام، أو الانتقال من دوائر التحقيق الى المحاكم ذات الاختصاص للبت فيها، فضلا عن الغرامات التي تزيد على السجناء سنوات فوق سنوات عقوباتهم لتضاعف من المعاناة، في وقت تبقى الوعود بتسريع العدالة وإيجاد حلول لهذه القضايا حبراً على ورق، ومنها على سبيل المثال قضية الموقوفين الاسلاميين.

لم يعد الحديث عن ″الظلم″ و″ القهر″ في السجون من جراء الاكتظاظ وافتقار تلك السجون لابسط مقومات الحياة الآدمية الى دليل، فالقاصي والداني في لبنان وغيره سمع بمعاناة السجناء ووضعهم وعدم وجود آليات لتسريع محاكمتهم، فضلا عن الرشاوى ومحاولات الاستغلال ممن مفترض ان يكونوا مولجين بحمايتهم، وهذا الامر ليس سرا، حيث تم توقيف العديد من هؤلاء من قبل السلطات المختصة.

واقع السجون قد يكون اعتاد عليه من هم خلف القضبان ومعهم أهاليهم الذين لطالما اشتكوا من سوء المعاملة ومن غياب الاهتمام بمن لا يملك المال او تقف خلفه جهة سياسية او حزبية داعمة له.

لكن الجديد في هذه الايام هو مراكز التوقيف الاحتياطي في المخافر او السرايات، والتي قد تنفجر السجون فيها بالاف الموقوفين من اللبنانيين والسوريين، حيث لا يوحد سجن مخفر الا وفيه عشرات الموقوفين الذين ينتظرون دورهم للمحاكمة ومنهم من أمضى أسابيع وسط ظروف إقامة سيئة، انطلاقا من كون هذه السجون غير معدة بالأصل لاستقبال هكذا اعداد ولهذا الوقت الطويل.

احد الذين كتب له محاكمة سريعة بعد اسبوعين من التوقيف داخل سجن احد المخافر بسبب عدم وجود مكان احتجاز بديل، يروي كيف أمضى هذه المدة الزمنية داخل سجن طوله اربعة أمتار وعرضه مترين، مع ١٢ شخصا، كانوا ينامون عل ” فرشتين” صغيرتين ما يضطرهم الى رفع ارجلهم على الجدران لكي يستطيعوا النوم، ومن كان خطه سيّء ينام على عتبة المرحاض الموجود في الغرفة من دون باب.

والاهم في ما ذكره ان معظم من معه وهو بينهم كانت قضاياهم لا تحتاج سوى لايام للنظر فيها واطلاق سراحهم.

روايات كثيرة خرج بها مسجونون او موقوفون أمضوا من الزمن وقت اكثر مما تستحق الدعاوى أو التهم التي يواجهونها، في حين كان غيرهم يمر مرور الكرام لمجرد ان خلفه مسؤول او جهة سياسية او حزبية.

Post Author: SafirAlChamal