المستقبل وأزمة الحريري: أسئلة حائرة ومقلقة بلا أجوبة… عبد الكافي الصمد

أسئلة كثيرة باتت تثقل كاهل مناصري تيار المستقبل حول مصير ومستقبل زعيمهم الرئيس سعد الحريري في طرابلس ومختلف المناطق اللبنانية، أكثرها بقي بلا أجوبة واضحة، أما الأسئلة التي لقيت أجوبة وردوداً عليها فقد اختلطت فيها الأمنيات بمعلومات غير الدقيقة ومتضاربة، الأمر الذي جعل قاعدة التيار الأزرق تعيش إرباكاً وضياعاً وقلقاً لم تعرفه منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل أكثر من 12 عاماً.

عينات أو نماذج من بعض هذه الأسئلة تكشف ذلك، منها: هل يعود الرئيس سعد الحريري إلى لبنان ومتى؟، وإذا عاد هل سيبقى فيه طويلاً أم سيغادره سريعاً بعد أن يقدم إستقالة حكومته لرئيس الجمهورية ميشال عون؟، وهل إستقال طوعا ومن تلقاء نفسه أم قسراً؟، وهل كان محتجزاً ورهينة فعلاً في السعودية أم أن الأمر غير صحيح؟، وهل سيعود إلى لبنان بعد ذهابه إلى فرنسا أم سيبقى هناك؟، وكيف سيتم التحضير للإنتخابات النيابية التي اقترب موعدها؟، وهل سوف يترشح الحريري للإنتخابات أم لا؟، وماذا عن مستقبل نواب ومرشحي تيار المستقبل في الإنتخابات النيابية المقبلة؟، وماذا عن مستقبله السياسي ومستقبل تيار المستقبل؟.

تكفي بضع جلسات مع بعض مناصري وكوادر التيار الأزرق كي يُلمس ذلك، فالقلق لديهم كبير، وكذلك الخوف ولو كان مضمراً، والضياع والإرباك عندهم أكبر، وبعضهم لا يزال يكابر ويحاول نفي ورفض حقيقة باتت واضحة للعيان، غير أن أغلبية هؤلاء  تفضل الصمت والتعالي فوق الجراح، والتريث قليلاً، عسى أن تلوح بنهاية النفق بارقة أمل تنهي الكابوس الذي يعيشونه كل يوم بأشكال مختلفة، منذ استقالة الحريري من الرياض في 4 تشرين الثاني الجاري.

الشعور بالإنكسار في صفوف التيار الأزرق لم يعد خافياً، حتى أن بعضهم يُفضّل عدم مجيء الحريري إلى لبنان في هذه المرحلة، وأن يبقى مصراً على استقالة حكومته، قبل أن يغيب فترة من الزمن، تقصر أو تطول حسب الظروف، من أجل استيعاب ما حصل معه، ومحاولة تفسيره وفهمه، والتقاط الأنفاس تمهيداً لاستعادة المعنويات المنهارة، أو بعض منها على الأقل.

لا تكفي بضع صور للحريري ويافطات دعم له رُفعت في بعض أنحاء طرابلس وأحيائها الشعبية والفقيرة، وبعض بلدات الشمال، للدلالة على أن الأمور بخير في تيار المستقبل، من رأس الهرم إلى أسفل القاعدة، فالأمر ليس كذلك أبداً، لأن الصدمة كانت قوية جداً، والجميع تقريباً ما زال تحت تأثيرها، ذلك أن ضربة شبه قاضية وُجهت إلى الحريري وتياره من قبل دولة يفترض أنها الداعم الأساسي له، وأن هذه الدولة تعتبر الحاضن السياسي والإقتصادي والمالي والديني له ولتياره وجماعته، وأن هذه الضربة قد لا يستفيق ويتعافى منها الحريري وتيّاره في وقت سريع.

حتى الآن الكلام السياسي بخصوص أزمة الحريري لم يُقل بعد، إلا قليلاً وعلى نطاق ضيق، غير أن “التسوية” التي أفضت بالسماح له بمغادرة السعودية والذهاب الى فرنسا، ثم عودته إلى بيروت كي يُقدّم إستقالته للرئيس عون، دفعت البعض إلى طرح أسئلة من النوع الحرج جدّاً، يدور أغلبها حول مصير الحريري في المرحلة المقبلة، قبل مصير تياره ونوابه، ومصير البلد ككل، فإذا قبلت إستقالته بعد أن يصرّ عليها، فمن سيكلف تأليف الحكومة المقبلة؟، وهل سيستطيع تأليفها إذا كان المُكلّف شخصية غير توافقية؟، وماذا عن الإنتخابات النيابية المقبلة وما هو مصيرها؟، وهل أن الفترة الحالية ليست سوى مخاض لحقبة جديدة توشك على الولادة لم تتضح معالمها بعد، وإن كانت إرهاصاتها بدأت معالمها بالظهور تباعاً؟

الأيام القليلة المقبلة وحدها كفيلة بالردّ على هذه الأسئلة وغيرها.

Post Author: SafirAlChamal