بوس إيدك.. إتركني إشحد… عمر إبراهيم

tasawl2

″بوس ايدك، بوس اجرك، كرمال الله″، عبارة رددتها مرارا متسولة وقعت في قبضة شرطة بلدية طرابلس خلال ملاحقة المتسولين في شوارع المدينة، في مشهد بات مألوفا ويشبه قصة ″ابريق الزيت″، حيث لا تكاد الحملة أن تنتهي حتى يعود المتسولون ومعهم بطبيعة الحال المشردون الى الشوارع.

لا يختلف اثنان على  ان قضية التسول والتشرد  باتت من الظواهر السلبية التي تضاعفت في الآونة الأخيرة بعد النزوح السوري خصوصا في ظل وجود شبكات تدير نوعا من هذه ″المهن″ لكنها في الوقت نفسه تعبر عن واقع إجتماعي واقتصادي صعب ترزح تحت وطأتهما شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين يزدادون فقرا، وهو ما يجسده وجود عدد من المشردين اللبنانيين، وذلك على عكس ما يحاول البعض إظهاره بأن معظم هؤلاء هم من السوريين او النوَر.

لا تلام شرطة بلدية طرابلس او غيرها من البلديات التي تقوم من وقت لاخر بتوقيف المتسولين والمشردين، ومن ثم إعادة اطلاق سراحهم بعد حجزهم لبعض الوقت وتهديدهم بالسجن في حال عادوا مجددا الى الطرقات، أما بعض مشغلي المتسولين فيتم تحويلهم الى القضاء للنظر في التهم المنسوبة اليهم.

الحملات المتكررة لشرطة البلديات لا تعدو كونها ″ترهيبية″ حيث لا يمكن سجن المتسول ولا يوجد جمعيات يتم تحويل المشردين اليها حتى كبار السن منهم، او ان تلك الجمعيات ومن خلفها وزارة الشؤون الاجتماعية لا تضع في حساباتها هكذا حالات، لمشردين لبنانيين ينتشرون في معظم المدن وينامون في الطرقات ليلا، الامر الذي يضطر البلديات بعد احتجاز مؤقت الى اطلاق سراح ″المعتقلين″ وانتظار جولة جديدة لملاحقتهم، واستماع “نغمات” التوسل والاستعطاف التي ستبقى تصدح وربما الى ″سمفونية″ في بلد يخيم شبح الفقر فوقه.

وبغض النظر عن كل ما يقال عن هذه الظواهر والدعوات لمكافحتها خصوصا بالنسبة للذين يمتهنون التسول او يحاولون ″التجارة″، فان عملية توقيف المتسولين على الرغم من كونه مطلبا شعبيا، الا انه لا يخلو من مشاهد تخدش في بعض الاحيان الشعور الانساني، خصوصا بالنسبة للسيدات والاطفال من النازحين السوريين الذين لا يخفى على احد ان قسما كبيرا منهم دفعتهم ظروفهم الى التسول بعدما هجروا من بلدهم وتخلت عنهم معظم الدول التي كانت تقدم المساعدات الى جمعيات في لبنان استفاد بعضها في رفع ارصدتها في البنوك، قبل ان ينتهي التوظيف السياسي لهذه القضية ويرمى هؤلاء في حضن بلد يعيش قسم كبير من سكانه تحت خط الفقر.

Post Author: SafirAlChamal