طرابلس واستقالة الحريري: تبخّر الأحلام والمشاريع والتحالفات… عبد الكافي الصمد

حجبت إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، الكثير من القضايا والمشاكل الداخلية في لبنان، وتقدمت الأزمة السياسية على ما عداها من أزمات مختلفة يعيشها لبنان على كل الصعد.

كان منتظراً من الحكومة التي كانت تعيش إستقراراً سياسياً مقبولاً، وتعاوناً بين الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، فضلاً عن تعاون آخر أبداه تجاه الحكومة كل من حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الإشتراكي وتيار المردة وغيرهم، أن تنتج المزيد من مشاريع التنمية والتعيينات والبرامج الحكومية.

وكانت المناطق اللبنانية على اختلافها تنتظر خطوات إيجابية من الحكومة، وأن تلمس ذلك مشاريع واهتماماً أكبر، خصوصاً بعد إقرار الموازنة العامة، في تطور نوعي بعد مرور 12 سنة على آخر موازنة شهدها لبنان.

لكن كل هذه الآمال طارت بعد استقالة الحريري، وهي في طرابلس كانت كبيرة جداً، ومن أبرز هذه الآمال:

أولاً: باتت جلسة الحكومة المنتظرة في سراي طرابلس في علم الغيب. إذ بعدما تم تأجيل الجلسة التي كانت محددة يوم الخميس في 28 أيلول الماضي إلى موعد لاحق لم يحدد بعد، أصبح لدى الطرابلسيين إقتناع بأن هذه الجلسة قد لا تعقد أبداً، برغم أن التوقعات الإيجابية المنتظرة منها كانت أقل من عادية، إلا أن مجرد عقدها في عاصمة الشمال كان كافياً لإعطاء المدينة دفعاً معنوياً يعكس إهتمام الدولة بها ولو بالحدّ الأدنى.

ثانياً: كان من المنتظر أن توافق الحكومة على بند إعلان طرابلس ″عاصمة لبنان الإقتصادية″ وهي مبادرة سعت إليه بكل جهدها غرفة التجارة والصناعة والزراعة بعدما أطلقها رئيسها توفيق دبوسي، برغم أن هذا الإعلان يلزمه ليصبح حقيقة وليس مجرد شعار فارغ من أي مضمون، أن تشهد مدينة طرابلس مشاريع إقتصادية ضخمة تتعلق بالبنى التحتية وجلب الإستثمارات وتوفير فرص العمل والتخفيف من البيروقراطية.

ثالثاً: عاشت طرابلس في الأشهر الأخيرة أجواء تفاؤل كبيرة إنطلاقاً من تقارير وتصريحات مختلفة، لبنانية وخارجية، تقول إن المدينة ستعتمد كواحدة من منصات إعادة إعمار سوريا، وأن من شأن ذلك، الإستعانة بمرفأ طرابلس لهذا الخصوص وإنشاء شبكة للسكك الحديد تربط بين المرفأ والحدود الشمالية، وتطوير البنى التحتية في المدينة، الأمر الذي سيقلب الوضع فيها رأساً على عقب، وينتشلها من واقع صعب تعيشه منذ سنوات، إلا أن إستقالة حكومة الحريري جمّد كل تلك المشاريع وأبقاها أحلاماً على الورق.

رابعاً: أدت إستقالة الحريري إلى إحداث إرباك بين مختلف القوى السياسية في طرابلس والشمال، وخلطت الكثير من أوراق التحالفات الإنتخابية، بعدما وجد كثيرون أنفسهم أسرى الإنتظار والتريّث بانتظار إتضاح الصورة بشكل أكبر، برغم أن الوقت المتبقي للإنتخابات النيابية لا يزيد على ستة أشهر، وقد يجد مختلف الفرقاء أنفسهم في حرج أكبر، لوقوعهم تحت ضغط الوقت والشارع إذا طال غياب الحريري عن لبنان، أو إذا مالت أزمة الإستقالة أكثر نحو السلبية، وتدهورت الأوضاع من سيّىء إلى أسوأ.

Post Author: SafirAlChamal