إطلالة الحريري المتلفزة: هدنة خطوط تماس.. بانتظار فتح المعابر… جوزف القصيفي

لعل الايجابية من إطلالة الرئيس سعد الحريري التلفزيونية هو انه عائد الى لبنان لتقديم استقالته للرئيس ميشال عون، كونها الممر الدستوري الالزامي لرفضها او قبولها، واعادة الانتظام الى الحياة السياسية، بعيدا من التحليلات والتسريبات والتكهنات، وهي لعبة مارسها جميع الاطراف بحرفية حينا وارتجال احيانا.

بدا واضحا ان الرئيس الحريري لم يكن في وضع مريح، وتبين ذلك من تعابير الوجه، والاجهاد، والكلام الذي يفتقد الى دفء النبرة. وهذا ما دفع الاعلامية بولا يعقوبيان الى تغيير نوعية الاسئلة في القسم الثاني من المقابلة نظرا للارهاق المسيطر عليه.

الرئيس الحريري لم يكن أسلوبه حادا في الاجابة على اسئلة يعقوبيان، كأنه ليس الشخص نفسه الذي تلا بيان الاستقالة في المملكة، بكل ما حفل به من عبارات واتهامات قاسية في حق ″ايران″ و″حزب الله″. بالطبع لم يهادنهما في اطلالته، لكن النبرة كانت منخفضة الوتيرة. أرضى الحريري الرياض بالاضاءة على جوهر المشكلة مع هذين الفريقين: اليمن، اليمن ثم اليمن. ومعنى ذلك ان من ربط لبنان بمحاور الصراع الاقليمي ليس طرفا واحدا يجري التصويب عليه باستمرار، بل هنك آخرون ولا يتعففن أحد.

وفي عودة الى الاطلالة التلفزيونية، فانها على ما استدرجت من ملاحظات، عبّدت طريق الرجوع الى بيروت بهدوء بعدما رانت اللهجة التصالحية والرغبة في الحوار، واللقاء مع الآخرين ومنهم ″حزب الله″ للبحث في الموضوعات الخلافية، سواء عاد عن استقالته، وهذا امر مستبعد راهنا، أو إستمر رئيسا لحكومة تصريف الاعمال، أو إذا أعيد تسميته بعد إستشارات ملزمة.

لكن المؤكد ان الرئيس الحريري نجح في شد عصب جمهوره بعدما كان في حيرة وارتباك، خصوصا وهو يشهد منازلات بين صقوره: من بقي على الولاء لسعد وبين من بلغ منه الشك مبلغا كبيرا، فهو لا يزال السني الاقوى والاول حتى الساعة، ولا بديل عنه لدى الأطراف السياسية، لا سيما بعد الموقف الوطني الكبير والحكيم لرئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي، خصوصا بعد رفضهما القاطع قبول استقالة الحكومة، وتأكيدهما على أن العودة الى لبنان هي الشرط الاساس.

كان الشارع السني وفيا للحريري ومتعاطفا معه، وكان للمجتمع الدولي وقفة تضامنية معه، لا بل وقفة ضاغطة ساعدت على جلاء الكثير من الملابسات المحيطة بوجوده في الرياض، وربما ستساهم في تسريع عودته الى بيروت، هذه العودة ستعيد الامور الى نصابها في الوسط السني، ومعها سيكتمل النصاب السياسي.

طبول الحرب لم تعد تُقرع في الداخل، انه زمن الهدنة الذي ارتسمت فيه خطوط التماس السياسية بانتظار فتح المعابر .

وفي انتظار تقديم الاستقالة ليبنى على الشيء مقتضاه دستوريا وسياسيا، ينهمك الجميع بترتيب أوراقهم.

Post Author: SafirAlChamal