الانقسام في الشارع اللبناني.. رقص على حافة الهاوية… عمر ابراهيم

كعادته لا يفوّت الشارع اللبناني مناسبة من دون التأكيد على الهوة الشاسعة بين مكوناته السياسية والشعبية، في نظرتهم وارائهم حيال شتى القضايا بما فيها تلك التي تتعلق بمصير بلدهم ومستقبله الذي يواجه منعطفا خطيرا على خلفية استقالة الرئيس سعد الحريري وما يرافقها من تهديدات بحرب مقبلة، لا يبدو ان أحدا يعير لها اهتمام نظرا لحدة الانقسام الذي يجتاح البلد، ووجود سياسيين يجيدون الرقص على حافة الهاوية.

هذه الهوة التي اتسعت بعد عام 2005 بين فريقين وجمهورين، لم تنفع كل محاولات ترميمها او الحد من تداعياتها رغم عمليات التجميل التي كانت تجري بين الحين والآخر عبر حكومات وتسويات، لاظهار صورة مغايرة عن مشهد الانقسام الحاد، الذي عاد وترجم عن نفسه بشكل قوي بعد استقالة الرئيس الحريري، ووصل الى داخل الفريق السياسي الواحد بعد استفحال الازمة بين تيار المستقبل واللواء اشرف ريفي.

ولان الانقسام والاختلاف في وجهات النظر سمة بارزة، وقد تكون من يوميات الشعب اللبناني، فقد كان من الطبيعي ان تشهد استقالة الرئيس الحريري انقساما عاموديا، وان كان لبنان الرسمي ما زال موحدا حول ضرورة عودة رئيس الحكومة، انطلاقا من قناعة  بان الاستقالة جاءت نتيجية ضغط سعودي، وان صاحبها قيد الاقامة الجبرية رغم نفي الفريق الاخر.

وتجسد انقسام الشارع اللبناني هذه المرة في وسائل عدة حتى في مشاعره، وفقا لانتماءاته السياسية، بين متخوف من تداعيات إستقالة الحريري، وبين من يرى ان ما يحصل لا يعدو كونه محاولات لتخويف اللبنانيين وممارسة ضغوطات سياسية عليهم لتحقيق مكاسب او دفعهم لتقديم تنازلات.

ويقول محمد ديب (45 عاما) ″أنا أملك متجرا لبيع الألبسة وكنت بصدد إستيراد بضائع من تركيا منتصف الشهر الحالي، لكني اتصلت بالوكيل وطلبت وقف الصفقة، خوفا من حصول حرب يجري الحديث عنها″.

وأضاف″منذ استقالة الرئيس الحريري تراجع عدد الزبائن بنسبة 80 في المئة، علما اننا على أبواب فصل جديد وغالبا ما تكون فيه الحركة عندنا ناشطة من قبل الزبائن لشراء ألبسة فصل الشتاء″.

ويتابع ″الناس يخافون من فتنة بين المكونات الطائفية في لبنان او عدوان إسرائيلي او حتى حرب تقودها السعودية ضد حزب الله، وكثير من اصحاب الدخل المتوسط يفضلون توفير أموالهم للقادم من الأيام، وهذا بدأ ينعكس سلبا على حركة البيع والشراء″.

لكن هناك قسم من اللبنانيين يعتبر ان اشاعة أجواء الخوف تقف خلفها وسائل إعلام وجهات سياسية موالية للسعودية والرئيس الحريري، حيث يقول″ حسن المحمد (56 عاما) هذه ليست المرة الأولى التي تطلب فيها السعودية ودول خليجية من رعاياهم مغادرة لبنان وعدم التوجه إليه، وهي أيضا ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لضغوطات سياسية وتهديدات وحتى حروب، لذلك فإننا سنواصل حياتنا على طبيعتها ولن نتأثر أبدا″.

Post Author: SafirAlChamal