هل تتسبّب إستقالة الحريري في تطيير الإنتخابات؟… عبد الكافي الصمد

طغى التجاذب والسجال السياسي الواسع الذي شهده لبنان منذ إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري إستقالته، حول مصير الحريري والحكومة معاً، على مصير الإنتخابات النيابية المقبلة، التي تراجع الإهتمام بها سياسياً وإعلامياً إلى مرتبة متأخرة عن الإهتمام بمصير الحكومة ورئيسها.

فبعدما تصدّرت الإنتخابات النيابية المرتقبة في أيار المقبل، بعد إقرار القانون الخاص بها في المجلس النيابي، واجهة الإهتمام السياسية والإعلامية والشعبية، بعد تمديد المجلس النيابي لنفسه ثلاث مرات منذ عام 2013، تقدمت الأزمة الحكومية صدارة الأحداث، وأضحت الشغل الشاغل لكل اللبنانيين.

إستقالة الحريري المفاجئة التي هزّت الوضع السياسي في لبنان برمته، جعلت أسئلة كثيرة تطرح حول مصير الإنتخابات النيابية، وإذا ما كانت باقية في موعدها في أيار 2018، أم أن الظروف والمستجدات غير المسبوقة قد جعل الإستحقاق النيابي مهدداً بالتأجيل وتمديد ولاية مجلس النواب مرة جديدة.

وإذا كان أغلب فرقاء الطبقة السياسية أكدوا مراراً، سواء قبل إستقالة الحريري أو بعدها، أن الإنتخابات ستجرى في موعدها، وأنه لن يؤجلها إلا حصول حرب أهلية أو حدث كبير غير عادي، فإن الإستقالة غير المتوقعة شكلت صدمة من العيار الثقيل، ما جعل العديد يطرحون علامات إستفهام عن مصير الإنتخابات.

إذ كيف يمكن إجراء الإنتخابات في ظل حكومة مستقيلة، وهو أمر لم يشهده لبنان من قبل، إذ لم يعرف في تاريخ لبنان أن أشرفت حكومة مستقيلة على الإنتخابات النيابية، برغم أن ذلك ليس ممنوعاً قانونياً ولا دستورياً، إلا أن اعتبار الوضع السياسي اللبناني كان يتقدم دائماً على أي إعتبار قانوني أو دستوري او ما شابه.

وإذا كان إشراف حكومة مستقيلة على إجراء الإنتخابات ممكناً، فإنه في الوقت ذاته يبدو متعذراً في ظل الوضع السياسي الداخلي المأزوم تأليف حكومة جديدة لهذه الغاية، نظراً للتعقيدات الداخلية والخارجية، والكباش السياسي المحلي والإقليمي على أرفع المستويات، الذي ينذر بدخول لبنان أزمة على مستوى الرئاسة الثالثة التي يعرف الكل كيف بدأت، ولو من حيث الشكل، لكن أحداً من الأطراف اللبنانيين، على اختلافهم، يعرف أو يملك مفتاح الخروج منها.

يضاف إلى ذلك أن استمرار غياب الحريري خارج لبنان، وتمسكه باستقالته، سوف يجعل إجراء الإستحقاق الإنتخابي في مهب الريح ومحفوفاً بالمخاطر، لأنه كيف يمكن إجراء الإنتخابات في ظلّ غياب رئيس الحكومة، ولو المستقيلة، وزعيم أكبر كتلة نيابية خارج لبنان، ووسط الإرباك السياسي الكبير وغير المسبوق الذي يرزح لبنان تحته؟.

كل ذلك يطرح مخاوف أخرى لا تقلّ تأزماً وصعوبة عن واقع التحالفات الإنتخابية، بسبب قانون الإنتخابات الجديد، هذه التحالفات التي كانت معقدة في الأصل قبل إستقالة الحريري، فكيف الحال بعدها، الأمر الذي أدخل البلد في متاهة لا يُعرف سبيلاً إلى الخروج منها.

ولعل متابعة ومراقبة التصريحات والمواقف السياسية بعد استقالة الحريري، ومقارنتها بالتصريحات والمواقف السياسية قبل الإستقالة، تعطي إنطباعاً واضحاً أن خشية واسعة تسود مختلف الأوساط حول الإنتخابات النيابية، وأن يكون مصيرها قد أصبح غامضاً ومجهولاً، وأن التمديد الرابع للمجلس النيابي سيصبح في الأشهر القليلة المقبلة أمراً واقعاً ومفروضاً.

Post Author: SafirAlChamal