معارضو الحريري يتضامنون معه في ″أزمته″: هل يحفظ جميلهم؟… عبد الكافي الصمد

منذ الدقائق الأولى التي تلت إعلان الرئيس سعد الحريري إستقالة حكومته من العاصمة السعودية الرياض، حصل ما يشبه الإستنفار داخل الطائفة السنّية خصوصاً، والطوائف الأخرى عموماً، كلها تعرب عن رفضها إستقالة الحريري، شكلاً ومضموناً، ومطالبة بتوضيح ما حصل من قبل الحريري شخصياً.

تحوّلت دار الفتوى منذ يوم السبت الماضي، يوم إعلان الحريري إستقالته، إلى محجّة للشخصيات والقوى السياسية اللبنانية، على اختلافها، الموالية والمقربة من الحريري أو تلك التي على خصومة سياسية معه، من داخل الطائفة السنية وخارجها، تعلن تمسكها ببقاء الحريري على رأس الحكومة إلى حين عودته للبنان ومعرفة الأسباب الفعلية لاستقالته، ووضع حدّ للغموض الذي رافقها، وما يزال.

وكان لافتاً أن شخصيات وقوى سياسية سنية، ممن خاصمها طويلاً الحريري وتيار المستقبل الذي يواليه، وناصبها العداء السياسي لمجرد خلافها معه في الرأي، كانت في مقدمة الشخصيات التي توافدت إلى دار الفتوى، وإعلانها بعد لقائها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، تمسكها بالحريري، ودفاعها عن الموقع الذي يمثله، ومعلنة مواقف فيها “الكثير من المسؤولية”، بعيداً عن الشماتة أو تصفية الحسابات الصغيرة والضيقة، وهو أمر كان سيفعله تيار المستقبل، على الأرجح، لو كانت صورة الواقع السياسي في لبنان اليوم منقلبة، أو لو كان مكان الحريري في مأزقه شخصية سياسية أخرى ليست على وفاق سياسي معه.

فالرئيس نجيب ميقاتي أكد أنه “مع الرئيس الحريري في خلفيات إستقالته، وأتمنى أن نفهم منه مباشرة أسباب الإستقالة، ونحن معه في ما يراه مناسباً”، والوزير السابق عبدالرحيم مراد قال إن “القيادات والقيادات السنّية متفقون جميعا أن وحدة الموقف السنّي، ووحدة الموقف الوطني، في التريث ومعالجة الأمور بالتي هي أحسن”، وهو ما أكد عليه الوزير السابق فيصل كرامي الذي أوضح أن “التريث هو سيد الموقف في انتظار جلاء كل الأمور”.

وحتى من خارج الطائفة السنّية، فقد أعلن الوزير السابق وئام وهاب “التمسك ببقاء الرئيس سعد الحريري برئاسة الحكومة، وننتظر عودته لتوضيح كل ما حصل. والآن لا نرى أي بديل من الرئيس سعد الحريري في رئاسة الحكومة”، وهو موقف يكاد لا يختلف عن موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي قال “نحن بانتظار عودة الرئيس الحريري للإجابة عن كل الأسئلة والإقتراحات والأفكار والمشاكل التي يطرحها موضوع إستقالته”.

أكثر من ذلك، فقد تحوّلت دار الفتوى مؤخراً إلى “الخيمة” التي يتظلل تحتها تيار المستقبل والطائفة السنية والقيادات الوطنية، دفاعاً عن الحريري وموقعه، وهو الذي أقدم منذ فترة على اتخاذ مواقف سلبية من دريان ومن دار الفتوى، بعد رفضها إلغاء عطلة يوم الجمعة، فكان ردّها اليوم الوقوف إلى جانبه في محنته.

خلاصة ما سبق يتمثل في إجابة الحريري، بعد عودته إلى لبنان، ونواب وقيادات تيار المستقبل على اختلافها، على سؤالين: الأول هل كان الحريري وتياره الأزرق وفريق 14 أذار سيقفون هذه الوقفة المسؤولة والوطنية لو كان رئيس الحكومة من فريق 8 آذار وتعرّض لما يتعرّض له الحريري حالياً في السعودية، وهل يردّون الجميل يوماً لخصومهم بأحسن منه؟

أما السؤال الثاني، فهو هل إتعظ الحريري وتيار المستقبل تحديداً من الذي جرى معهما، وهل إستنتجا أن التعدّدية السّياسية في الطائفة السنّية عنصر قوة إضافية لهما وليس عنصر تفرقة، كما كانا يروجان، وأكبر مثال على ذلك التعدّدية الموجودة لدى المسيحيين والشيعة والدروز، وأن الآحادية عنصر ضعف ومؤشر إنهيار، ولو توهما عكس ذلك بداية، وما أزمة إستقالة الحريري من خارج لبنان، ومضاعفاتها، إلا دليلاً دامغاً على ذلك.

Post Author: SafirAlChamal