باسيل في الضنّية: المستقبل أبرز المستقبلين بإيعاز من الحريري… عبد الكافي الصمد

لم تكن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم الجمعة الماضي، إلى قضاء المنية ـ الضنّية عادية، لا بما سبقها ورافقها، ولا بالتداعيات والنتائج التي خرجت بها، كما لم تحجبها التطورات المتلاحقة التي شهدتها البلاد بعد أقل من 12 ساعة، التي تمثلت بإعلان الرئيس سعد الحريري، في اليوم التالي إستقالة حكومته.

يمكن القول أن زيارة باسيل الثالثة إلى القضاء كانت ثابتة، وهي كانت بالنسبة إليه، شكلاً ومضموناً، أفضل من زيارتيه السابقتين إليه، الأولى في 9 أيار من العام 2015، والثانية في 25 تموز من العام نفسه، حيث قوبل فيهما عامها بمقاطعة سياسية وشعبية واسعة من فريقي 8 و14 آذار والمستقلين على السواء.

ومن أبرز ما سجلته زيارة باسيل إلى قضاء المنية ـ الضنية الملاحظات التالية:

أولاً: كان تيار المستقبل الحاضر الأكبر في استقبال باسيل، بعد إيعاز من الرئيس سعد الحريري، نظراً للعلاقة الجيدة التي باتت تربط بين الحريري وباسيل، وتقاربهما في أكثر من ملف سياسي، وهو ترجم في حضور نواب القضاء الثلاثة، قاسم عبد العزيز وكاظم الخير وأحمد فتفت الذي مثله نجله سامي بسبب وجوده خارج لبنان، فضلاً عن منسقيتي المنية والضنية في التيار الأزرق، إلى حدّ يمكن القول إن حضور تيار المستقبل لاستقبال باسيل في زيارته للقضاء كان كاملاً، عكس زيارتيه السابقتين تماماً.

ثانياً: بدا تيار المستقبل في القضاء محرجاً في استقبال باسيل، بعد سنوات كانت شيطنة كل طرف منهما للآخر هي الحاضر الأكبر، خصوصاً أمام قاعدته الشعبية في المنطقة، التي لم تهضم زيارة رئيس التيار البرتقالي الى قضاء يعده التيار الأزرق قلعة محصّنة له.

ثالثاً: برر مسؤولو تيار المستقبل حضورهم حفل العشاء السنوي الذي رعاه باسيل وأقامته منسقية التيار الوطني الحرّ في مطعم الفيصل ـ عاصون، بأنها تفادياً للأحراج أمام رئيس الجمهورية ميشال عون، كون باسيل صهره، وحتى لا تفسر مقاطعته بأنها مقاطعة للعهد ورئيسه، فلبوا الدعوة على مضض، وهو أمر إنسحب بشكل أو بآخر على الجماعة الإسلامية التي حضر مسؤول مكتبها السياسي في لبنان النائب السابق أسعد هرموش، ومحمد الفاضل المقرب من الرئيس نجيب ميقاتي، وشخصيات سياسية أخرى.

رابعاً: قاطع زيارة باسيل للقضاء، لأسباب مختلفة، كل من الوزير السابق فيصل كرامي، والنائب السابق جهاد الصمد، ورئيس المركز الوطني للعمل الإجتماعي في الشمال كمال الخير، ومنسقو أحزاب وتيارات سياسية في القضاء، أبرزهم منسق تيار المردة، ومنسق حزب الكتائب، ومنسق القوات اللبنانية كل لأسبابه، إضافة إلى غياب أكثرية رؤساء بلديات المنية ـ الضنية بسبب عدم مساعدة باسيل لهم وفي تسهيل تنفيذ مشاريع في بلداتهم إبان تسلمه وزارة الطاقة والمياه، وإنْ كان العنصر الجامع بين المقاطعين هو فصل باسيل عن عون وعهده الرئاسي.

خامساً: بررت أوساط تيار المستقبل إستقبالها باسيل وحضورها جماعياً حفل العشاء على شرفه، بأن الإستقبال واجب، والضنية ترحب بكل زائر لها يحمل مشروعاً إنمائياً بعيداً عن الخلافات السياسية معه (باسيل لم يحمل معه أي مشروع إنمائي في زيارته)، ما طرح أسئلة كثيرة أبرزها سؤالين: الأول أين كان هذا الحرص على واجب الضيافة خلال زيارتي باسيل السابقتين للقضاء، ولما قاطعهما تيار المستقبل حينها كليّاً؟

والسؤال الثاني هل أن تيار المستقبل في قضاء المنية ـ الضنية صادق في استقبال أي زائر للمنطقة إذا كان يحمل معه مشروعاً إنمائياً، حتى لو كان الزائر مثلاً وزير في حزب الله، أم أن المعيار عندها سيصبح مختلفاً، وأن الأمر يستدعي حينها إيعازاً آخر من الحريري كي يبلع مسؤولو التيار الأزرق في القضاء ألسنتهم؟

سادساً: كان لافتاً أن باسيل رفع تهمة عدم إيلاء المناطق غير المسيحية إهتمام وزراء التيار الوطني الحر بها، لما اتهم نواب القضاء، وفي حضورهم شخصياً، أنهم وتيارهم السياسي كانوا السبب في تطيير مشاريع تنموية للقضاء تقدر تكلفتها بنحو مليار دولار، كانت ستؤمن تنمية مستدامة وفرص عمل كبيرة وسيستفيد منها كل الناس على المدى الطويل، أبرزها إنشاء معمل ثانٍ للتيار الكهربائي في دير عمار بتكلفة تصل إلى 560 مليون دولار، ومشروع تخزين مشتقات النفط في مصفاة النفظ في البداوي بتكلفة تصل إلى 220 مليون دولار، لكن الخلافات السياسية بين التيارين البرتقالي والأزرق أوقفتها ومنعت تنفيذها.

Post Author: SafirAlChamal