حزب الله يهادن.. لن يجد رئيسا للحكومة أفضل من الحريري… غسان ريفي

كان واضحا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته التلفزيونية يوم أمس، بأنه لا يريد التصعيد السياسي مع الرئيس سعد الحريري، لا بل فقد بلغ الأمر بـ″السيد″ الى حدود التعبير عن تعاطفه مع رئيس الحكومة المستقيل، معتبرا أنه ″تعرض لضغط من الأمير محمد بن سلمان لتقديم إستقالته، وأن ما قرأه في بيان الاستقالة كتب بقلم سعودي، وهو لا يعبر عن مكنونات الحريري الذي لم يسبق له أن تحدث بهذه اللغة التصعيدية منذ التسوية الرئاسية التي حملته الى رئاسة الحكومة″، داعيا الى ″معرفة مصير رئيس حكومتنا في ظل الاعتقالات التي شملت أمراء من أركان الأسرة الحاكمة ووزراء حاليين وسابقين ومسؤولين ورؤساء شركات سعوديين″، ومن ثم يمكن أن يُبنى على الشيء مقتضاه.

ليس خافيا على أحد، أن حزب الله كان مرتاحا جدا في التعاطي مع الحريري، حتى أن بعض نوابه والأصوات المقربة منه كانت تشيد بـ″زعيم المستقبل″ وتؤكد بأنه ضرورة وطنية لحفظ الاستقرار والسلم الأهلي، حتى بلغ الأمر الى تأكيد البعض بأن الحزب سيقف الى جانب الرئيس الحريري في الانتخابات النيابية المقبلة على حساب قيادات سنية أخرى، وذلك نظرا للانسجام الحاصل بينه وبين الحزب.

كما لا يخفى على أحد بأن الوزير جبران باسيل كان على تعاون وثيق مع رئيس الحكومة، لجهة التنسيق الكامل معه أو مع مدير مكتبه نادر الحريري في كل القرارات لا سيما تلك المتعلقة بالتعيينات والتشكيلات العسكرية الدبلوماسية والقضائية، إضافة الى المشاريع المختلفة ومناقصاتها، لذلك فان الحريري كان يغض النظر عن الحرب المفتوحة بين باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق، حرصا على العلاقة والتحالف مع رئيس التيار الوطني الحر الذي كانت لافتة زيارته أمس الى بيت الوسط ولقائه النائب بهية الحريري ونجلها نادر وتأكيد تضامنه مع العائلة، معتبرا أننا والرئيس الحريري ″حال واحد″، كما لم يتوان باسيل في التعبير عن حزنه وحزن كل اللبنانيين على إستقالة الحريري، في الكلمة التي ألقاها خلال عشاء التيار في الكورة.

هذا السلوك السياسي للرئيس الحريري منذ تكليفه بتشكيل الحكومة جعله عرضة لكثير من الانتقادات من بيته الداخلي ومن مجموعة العشرين، ومن قيادات سنية، ومن شارعه، وذلك بفعل التنازلات الكثيرة التي قدمها لخصوم الأمس، بدءا من قبوله بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، ومن ثم تضييق الخناق على النازحين السوريين، وعدم البت بقانون العفو العام عن الموقوفين، وعدم إثارته قضية زيارة عدد من الوزراء الى سوريا وإعتبارها ″زيارات شخصية″، وغض نظره عن لقاء باسيل ـ المعلم في نيويورك وعدم التعرض لها في مجلس الوزراء، وتغطيته لصفقة الجرود وإخراج مسلحي داعش والنصرة من لبنان بالباصات المكيفة الى أدلب ودير الزور السوريتين مقابل الافراج عن أسرى لحزب الله، ومن ثم توقيعه مرسوم تعيين سفير للبنان في سوريا، وعدم حمايته لبعض الموظفين المقربين منه، من المهندس عبدالمنعم يوسف الى القاضي شكري صادر، فضلا عن تهاونه في تأمين المشاريع الملحة للمناطق المحسوبة عليه، في وقت كان فيه وزراء حكومته يغدقون المشاريع على المناطق المحسوبة عليهم.

يشير متابعون الى أن الحريري أعطى خلال فترة حكمه قوى 8 آذار ما لم يعطه أي رئيس حكومة لها منذ العام 2005، وأن أي رئيس حكومة غير الحريري كان سيواجه هذه التجاوزات التي شهدتها حكومة إستعادة الثقة، خوفا من الشارع الذي يمثله، والأمثلة على ذلك كثيرة، في حين أن الحريري لم يقم وزنا لهذا الشارع.

ويرى هؤلاء أنه فجأة ومن دون سابق إنذار وفي ظرف أقل من 24 ساعة إنقلب الحريري على كل هذا التعاون والتنسيق مع الخصوم، وأعلن إستقالته من المملكة العربية السعودية وتلا بيانا ناريا خارجا عن ″الأدبيات السياسية″ التي إعتمدها منذ توليه رئاسة الحكومة، ما يؤكد بحسب المتابعين أن أمرا جلل قد أصاب الحريري في السعودية أجبره على القيام بكل ذلك.

من هنا فان حزب الله وحلفاءه في الحكومة أو خارجها ينتظرون عودة الحريري بفارغ صبر وهو وعد أن عودته ستكون قريبة جدا، وهي قد تكون اليوم بحسب التسريبات، لمعرفة حقيقة الأمر، والى أن يحين ذلك ويتبين الخيط الأبيض ومن الخيط الأسود من التطورات الدراماتيكية، فان لبنان سينتظر على مفترق طرق، فاما أن يشهد تسوية جديدة تحت سقف ثوابت دار الفتوى، أو أن تعود الأمور الى المربع الأول ما يعني دخول البلد في النفق المظلم مجددا.

Post Author: SafirAlChamal