ميقاتي يسلّف الحريري.. ويفتح ثغرة في جدار الأزمة…غسان ريفي

رسم الرئيس نجيب ميقاتي سقفا للأزمة السياسية التي أحدثتها إستقالة الرئيس سعد الحريري على الصعيدين الوطني والسني، وسارع الى إعادة تصويب البوصلة والتخفيف من حدة التشنجات الحاصلة، قاطعا بذلك الطريق على كثيرين بدأوا محاولاتهم منذ إعلان الاستقالة للاصطياد بالماء العكر.

لا يختلف إثنان على أن ميقاتي بات يشكل صمام أمان وطني وسني في لبنان، وهو ترجم ذلك اليوم خلال زيارته الى دار الفتوى ولقائه المفتي الشيخ عبداللطيف دريان، حيث تحدث بلغة رجل الدولة المتعالي على كل المناصب، لمصلحة وحدة السنة، وإنقاذ البلد.

وجاء موقف ميقاتي ليرد بقوة ولو بعد ست سنوات على كل الاتهامات التي ساقها البعض ضده غداة تكيلفه برئاسة الحكومة في العام 2011، مؤكدا وبدون أدنى شك أن حكومته كانت في ذاك الظرف إنقاذية، أما اليوم فالظروف مختلفة، وبالتالي هو غير مرشح لرئاسة الحكومة لا من قريب ولا من بعيد، مشددا على التمسك باتفاق الطائف وبالثوابت التي أعلنتها دار الفتوى إثر تكليفه وكان أول المتمسكين بها والمترجمين لها خلال مسيرته في الحكم.

يمكن القول إن حركة ميقاتي ساهمت في ملء الفراغ السياسي الذي شعر به سنة لبنان بعد إستقالة الحريري، كما من المفترض أن تكون مواقفه قد أراحت رئيس الحكومة المستقيل، حيث سارع  ميقاتي الى تحمل مسؤولياته تجاه طائفته، مؤكدا أن الفراغ فيها ممنوع، وأن الوقت ليس لـ”الشماتة” أو لتصفية الحسابات، بل هو لوحدة الموقف السني ووحدة الرؤية من أجل الانقاذ، واضعا بين يدي المفتي دريان مبادرة إنقاذية سيكشف عنها خلال إنعقاد المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى.

من هذا المنطلق، ومرة جديدة يسلّف ميقاتي الحريري، وذلك بتشكيل حاضنة له، من موقع الندية السياسية المتفهمة لقرار رئيس الحكومة، ما يؤكد أن ميقاتي يعمل بوحي من الوجدان السني، والمنطق الوطني القائم على التوازنات، التي لا تسمح بغياب موقع رئيس الحكومة السني عن المشهد السياسي في لبنان، في ظل ممارسة رئيسي الجمهورية ومجلس النواب لصلاحياتهما، لذلك كان رفض ميقاتي قاطعا للفراغ، داعيا الى تشكيل حكومة بأسرع وقت، يحظى رئيسها بالتوافق تحت سقف دار الفتوى، ويتمسك بثوابتها.

يشير مراقبون الى أن مواقف ميقاتي أكدت إنحيازه الكامل لطائفته، وأنه لا يمكن أن يرضى برئاسة حكومة ولو أتت “على طبق من فضة”، إذا كانت خارج الاطار الانقاذي للبلد، لافتين الانتباه الى أن هذه المواقف أحرجت كثيرا ممن كانوا يستهدفون ميقاتي على خلفية قبوله تشكيل حكومته السابقة، خصوصا أن كل التجارب  أثبتت أن رؤيته السياسية للحكم بدءا من إعتماد خيار الوسطية، مرورا بتطبيق شعار النأي بالنفس الذي أصبح اليوم حكمة وطنية، وصولا الى الحفاظ على الثوابت وحماية الصلاحيات، باتت كلها تشكل خارطة طريق لأي رئيس حكومة يحرص على أن يكون متوازنا على صعيد طائفته والوطن،  ولكي لا يضطر الى الاستقالة بشكل مفاجئ.  

Post Author: SafirAlChamal