مكب نفايات طرابلس.. الكارثة البيئية على الأبواب… غسان ريفي

لا يختلف إثنان على أن طرابلس مقبلة على كارثة بيئية حقيقية إذا لم يتم إيجاد بديل سريع لمكب النفايات الحالي عند مصب نهر أبو علي، والذي وصل الى حده الأقصى في العام 2011 بارتفاع بلغ 29 مترا، وما زال يستقبل يوميا نحو 400 طن من النفايات من مدن طرابلس والميناء والبداوي والقلمون التي تشكل إتحاد بلديات الفيحاء إضافة الى مخيمي نهر البارد والبداوي والمنتجعات السياحية على الخط الساحلي ضمن نطاق بلدية رأسمقا في الكورة.

يشير الخبراء البيئيون الى أننا دخلنا مرحلة الخطر الحقيقي في مكب طرابلس الذي بلغ ارتفاعه بحدود 35 مترا حالياً، وفي ظل وجود تشققات مخيفة في حائط الدعم، وتوقف شبكة استخراج الغازات الحيوية “البيوغاز” وإحراقها، حيث تخرج هذه الغازات حالياً بطريقة عشوائية عبر بعض الأنابيب وتساهم في تلويث الأجواء.

يؤكد الخبراء البيئيون أن المكب قد يتعرض الى انهيار بفعل الأمطار الغزيرة أو الرياح القوية، إذا ما إزدادت التصدعات في حائط الدعم الذي يثبّت كميات النفايات الموجودة، أو الى الاحتراق بسبب الخلل في خروج الغازات الحيوية منه، لافتين الانتباه الى أن أي انهيار أو احتراق من شأنه أن يؤدي الى كارثة سواء لجهة تلوث البحر، أو تسميم الأجواء بدخان الحرائق.

هذه الكارثة بدأت ترخي بثقلها على طرابلس وأهلها الذين تُزكم أنوفهم الروائح الكريهة المنبعثة من جهة المكب، وقد تبين بعد المتابعة أن هذه الروائح النتنة ليست من المكب الذي تحرص الشركة المتعهدة على طمر النفايات بالأتربة، حيث كانت تضع سابقا سماكة 5 سنتمترات من هذه الأتربة لمنع خروج الروائح، ولعزل النفايات عن دخول الأوكسجين وحصول تفاعل مع الغازات الحيوية، وهي اليوم بحسب المعلومات تكتفي بوضع الأتربة بسماكة 2 سنتم للتحفيف من حجم إرتفاع المكب المعرض للانهيار في أي لحظة، بل إن هذه الروائح مصدرها معمل فرز النفايات ومعمل التسبيخ (الكومبست).

يعمل معمل الفرز 20 ساعات في الـ 24 ساعة، حيث يستوعب نحو 300 طنا من النفايات، من أصل 400 أي أن هناك دائما كميات هائلة من النفايات تنتظر دورها للفرز، وتتخمر فتصدر روائح تحملها الرياح الى أرجاء المدينة بحسب إتجاهها، في حين أن عملية التسبيخ للنفايات العضوية لا تجري وفق الشروط البيئية السليمة، نظرا لعدم إستخدام “البيوفلتر” الذي يمنع تسرب الروائح، لذلك فان روائح التسبيخ تمتزج مع روائح النفايات وتنتج سموما تنتشر في أرجاء المدينة الأمر الذي يتطلب التشدد في الشروط البيئية في المعملين وفي تأمين كل المستلزمات التي تضع حدا لهذا التلوث الاضافي الذي ينتشر على مدار ساعات النهار.

يدق الخبراء البيئيون ناقوس الخطر، معتبرين أن الروائح الكريهة من شأنها أن تتسبب بأمراض خطيرة، خصوصا في المناطق القريبة على منطقة المكب، كما أن قيام الشركة المتعهدة بالاكتفاء اليوم بوضع الأتربة بسماكة 2 سنتم من شأنه أن يجعل الأوكسجين يتسرب الى عمق النفايات، والتفاعل الذي يحصل يحتاج فقط الى شرارة لكي يحترق المكب أو ينفجر، وعندها لا يسعنا إلا أن نقول “الله يستر من كارثة بيئية غير مسبوقة في طرابلس“، خصوصا أن هناك كثيرا ممن يعملون في المكب بشكل عشوائي، ويكفي من هؤلاء أن يرمي أحدهم عقب سيجارة مشتعلة لكي تحصل الكارثة.

ويحمّل عدد من الخبراء مسؤولية الخطر البيئي الداهم على طرابلس الى إتحاد بلديات الفيحاء وجهازه الفني، حيث أن الاتحاد ما يزال يفتش عن حلول تقليدية تثبت الدراسات بأنها غير قابلة للتنفيذ، لذلك وبحسب الخبراء من المفترض برئيس الاتحاد أن يرفع المسؤولية عن عاتقه وأن يرسل كتابا رسميا الى مجلس الوزراء يطلب فيه حلا سريعا لكي توضع الحكومة مجتمعة أمام مسؤولياتها وتكلف من يعنيهم الأمر التدخل لايجاد حل سريع.

وعلمت ″سفير الشمال″ أن أسرع حل من الحلول المطروحة يحتاج الى سنتين ونصف السنة لكي يبصر النور، في وقت فشلت فيه كل المساعي لايجاد مكب بديل في إحدى الأراضي المشاع في بلدة دير عمار بسبب الرفض المطلق للأهالي، في حين أن ثمة حل يتقدم تم إقتراحه قبل فترة، وهو ردم البحر وإيجاد مساحة جديدة مغلقة تستخدم كمكب بديل، لحين أن يصار الى إيجاد حل نهائي وجذري سواء عبر الطمر الصحي أو عبر إنشاء محرقة تساعد على توليد الطاقة الكهربائية.

يقول أحد الخبراء: نحن اليوم ننتظر وقوع الكارثة من دون أن نحرك ساكنا لتلافيها، وفي حال إنهار المكب أو إحترق فان الأضرار البيئية لا يمكن لأي كان أن يتحمل تبعاتها، الأمر الذي سينعكس سلبا على طرابلس بيئيا وسياحيا وإقتصاديا وتجاريا، مشددا على ضرورة إعلان حالة الطوارئ والاسراع في إيجاد حل آني بديل قبل فوات الأوان.

Post Author: SafirAlChamal