تداعيات الحكم على الشرتوني.. شدّ العصب المسيحي وتحريك الفتنة!… غسان ريفي

أسدل الستار على قضية إغتيال الرئيس بشير الجميل، بعد 35 عاما من الانتظار، حيث نطق المجلس العدلي بحكم الاعدام المبرم على كل من: نبيل العلم وحبيب الشرتوني.

من المعروف أن نيبل العلم قد توفي منذ زمن، وأن حبيب الشرتوني موجود خارج لبنان، ما يعني أن الحكم الصادر عن المجلس العدلي هو حكم معنوي لا أكثر ولا أقل، وهو أيضا غير قابل للتنفيذ، أولا لأن الشرتوني خارج البلاد، وثانيا لأن لبنان أوقف العمل بقانون الاعدام منذ ما يقارب العشرين عاما.

لا شك في أن الحكم على قتلة بشير الجميل، قد ساهم في شدّ العصب المسيحي، وفي إحياء ″عصبيات″ ظن اللبنانيون أنها أصبحت من الماضي، إذ تفجرت بعض ″موروثات″ الحرب الأهلية بأسوأ صورها سواء ضمن الفريق الواحد أو بين الخصوم، لتعيد تحريك الفتنة التي أطلت برأسها في أكثر من مكان، لتضع بعض التيارات السياسية أمام مسؤولية وطنية، فاما أن تسارع الى قطع رأس الفتنة، أو فان الأمور قد تتجه الى ما لا يحمد عقباه.

في الأشرفية حيث أقيمت الاحتفالات إبتهاجا بحكم المجلس العدلي، كادت الفتنة أن تقع في صفوف المحتفلين الذين إنقسموا بين مؤيد لبشير يسعى الى دفع نجله النائب نديم الجميل الى قيادة الصفوف، وبين مؤيد يرى في رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الوريث الشرعي والوحيد، وبين مؤيد آخر يرى أن ما حصل يصب في خانة الحزب الأم وهو الكتائب الذي يترأسه النائب سامي الجميل، فيما هتف آخرون ضد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي حرص على المشاركة بالاحتفال.

مع بداية المهرجان الخطابي في الأشرفية تداخلت الأعلام كما الهتافات حيث حاول كل فريق أن يظهر نفسه بأنه المنتصر في هذا الحكم، وكاد أن يقع المحظور، ما إضطر النائب نديم الجميل أكثر من مرة الى مخاطبة المحتفلين ودعوتهم الى الهدوء، والى إستذكار بشير الجميل دون سواه.

ومن الأشرفية أيضا، تحركت أيادي الفتنة بحرق صورة مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعادة وعلم الحزب الذي ينتمي إليه حبيب الشرتوني، وهي تمددت سريعا الى بلدة منيارة في عكار لتحرق أعلام القوات اللبنانية والكتائب المرفوعة على مكتبي الحزبين، حيث وجه البعض أصابع الاتهام الى الحزب القومي كرد على ما حصل في الأشرفية.

وتشير معلومات الى أن قوميين سوريين كانوا يتجهون الى قطع طريق بلدة منيارة لمنع تنفيذ الاعتصام الذي أقيم هناك إحتجاجا على إحراق الاعلام القوات والكتائب، لكن تدخلات على أعلى المستويات حالت دون ذلك، فمر الاعتصام من دون مواجهات.

في المقلب الآخر، وفي تعليق له على الحكم، إعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن ″تبرير التعامل مع العدو في حقبة زمنية معينة لا يبرئ العميل″، وجاء الرد عنيفا من رئيس جهاز التنشئة في القوات اللبنانية شربل عيد الذي قال لقاسم: ″أنت تتهم بشير بالعمالة وكأنك ترقص على قبره، وأنا أتمنى لك الموت قتلا لأرقص على قبرك″.

وقد سارعت القوات الى إحتواء الأمر بنفض يدها من عيد، معتبرة أن تصريحاته لا تمثلها، قبل أن يسارع جعجع الى تعليق مهام عيد في حزب القوات وذلك في خطوة إيجابية تسجل له وتهدف الى وأد الفتنة، خصوصا أن جعجع لم ينته بعد من “السقطة” التي إرتكبتها زوجته ستريدا خلال إجتماعها بعائلة طوق في أوستراليا عندما قالت أن ″والدها أعجب بسمير لأنه دعوس الزغرتاويين″، علما أن ثمة معلومات تقول أن ملف قضية مجزرة إهدن موجود في المجلس العدلي ويمكن تحريكه في أية لحظة.

في خلاصة القول، إن حكم المجلس العدلي قد أعاد إستنفار خطاب الحرب الأهلية، ما يشير أن اللبنانيين الذين يتغنون بالعيش المشترك والوحدة الوطنية والسلم الأهلي، ما يزالون على جهوزية تامة للتخلي عن كل هذه الشعارات عند أي مفترق طائفي أو مذهبي أو حزبي، ما يؤكد أن الحرب الأهلية قد شطبت من النصوص لكنها ما تزال حاضرة وحيّة في النفوس.

Post Author: SafirAlChamal