الرئاسة الثالثة.. ومعمودية النار… بقلم الدكتور مازن ع. خطاب

يجتاح البيئة السُنّية جوٌ من الاحتقان الشديد الذى بدأ منسوبه بالإرتفاعِ تصاعدياً مع كل خطوة ناقصة يقوم بها المسؤولون عن الإدارة السياسية في الطائفة. ويلمسُ كل متابع أنّ أصواتاً عالية بدأت تتصاعد الى حدِّ المقارنة بين واقع الرئاسات الثلاث والإشارة الى ″غُبن″ يطال الرئاسة الثالثة المنوطة بالطائفة السنّية.

وتتابع الأصوات مقاربتها بأنّ رئيس الجمهورية ينتخِبُهُ مجلس النوّاب وتدوم رئاسته ست سنوات (مع سوابق التمديد والتجديد)، ورئيس مجلس النواب قد يُنتخَب لعدة دورات، مع إمكانية الاستمرار لمدى الحياة!

أماّ رئيس الحكومة فيترتبُ عليه إجتياز معموديّة نار على عدّة مراحل: مرحلة التسمية التي تحتاج مشاورات وحِسابات يتمُّ بعدها تسمية شخص رئيس الحكومة. ثم تأتي مرحلة التكليف التي تحتاج أيضاً الى مخاضٍ عسير حتى تُكلف الشخصيّة التي وقع عليها الاختيار بتشكيل التوليفة الحُكومية. ثم يخوض الرئيس المُكلّف معارك ″داحس والغبراء″ الى أن يرسى بازار المُحاصصة التوزيرية وخيارات الوزارات ″السياديّة″ على تشكيلة تقبلها القوى السياسة، ليتم بعدها الإنكباب على كتابة بيان وزاري تتدخّل فيه ″أجناس الملائكة جمعاء″ حتى إذا ما خُطّت سطوره وتصاعد الدخان الأبيض، سارع الرئيس الى تلاوته في المجلس النيابي لطلب الثقة في جلسة قد تَلِدُ دواوين من الهند والسّند، ناهيك بـ″سوق عكاظ″ على مدى أيام. فإذا نال الثّقة ذكرُه ″جهابذة″ السياسة في كل محطّة رئيسية أو ازمة بما يُسمّى بـ ″الثُّلث المعّطّل″ او ″الثلث الضامن″ او ″الوزير الملك″ هامزين لامزين الى إمكانية دخوله جلسة مجلس الوزراء رئيساً لهُ ليخرُج منه رئيساً سابقاً. وخلال ممارسة دوره كرئيس لمجلس الوزراء يترأس الجلسات العادية، بينما يترأس رئيس الجمهورية جلسات القرارات الهامة! ويعاني اضطراره الى العمل والتعاطي مع وزراء ″حارة كل من إيده لهُ″ يتصرّفون وكأن كل واحد منهم هو رئيس للحكومة، وينظرون إلى رئيس مجلس الوزراء على أنه ″باش كاتب″ ويتعاملون معهُ على هذا الأساس بإيعاز من مرجعيّاتهم.

هذا الواقع المرير، إضافة الى الوضع المتدهور للطائفة السُنّية نتيجة السياسات المتّبعة يسبّبان حالة من التململ والإحباط الممزوجة بالغضَب تجاه مرجعيات الطائفة، لا بل أكثر من ذلك، قد تخلقُ هاجساً تجاه الطوائف الأُخرى التي تسعى الى ترسيخ و”إستعادة” حقوقها على حساب أهل السُنّة بحسب رأي المتابعين.

على الشخصيات السُنّية والوطنيّة أن تتحّرك سريعاً وبشكل فاعل على خط تطويق هذه الحالة الخطيرة التي قد يؤدي إستمرارها الى إيقاظ فتنة التطرّف والكراهية والصدام بين اللبنانيين.

Post Author: SafirAlChamal