ملف النازحين الى تأزم.. المطران حنا: مواقف الراعي لا تمثل المسيحيين… عمر إبراهيم

لم يمر وقت طويل على التحذيرات الغربية من إمكانية تحول ملف النازحين السوريين في لبنان إلى مادة خلافية تهدد النسيج اللبناني بمزيد من الإنقسامات وتنذر بسيناريو شبيه لتجربة الفلسطينيين في لبنان ابان الحرب الأهلية، حتى بدأت تتزايد المواقف الداعية الى عودة النازحين الى بلادهم وزج اللاجئين الفلسطينيين معهم، في تطور من شأنه أن يزيد من تعقيدات المشهد السياسي المنقسم حول آلية حل هذا الملف، لا سيما ان المجتمع الدولي لم يلحظ اي اهتمام لدعوات اللبنانيين ومنهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤخرا، وهذا ما عبرت عنه مراجع حكومية.

هذه التحذيرات التي صدرت وكانت جهات دولية كشفت ايضا عن مخاوف لديها والمحت في مناسبات عدة الى مخاطر الانزلاق في صراعات سياسية داخلية على خلفية ملف النازحين، يبدو ان البعض في لبنان لم يأخذها على محمل الجد، خصوصا بعدما تجاوزت القضية شقها الانساني والاجتماعي وتداعياتها السلبية على مختلف الشرائح اللبنانية نتيجة عبء النزوح اقتصاديا على بلد تعاني شريحة كبيرة منه من الفقر، بسبب ارتفاع منسوب البطالة والمنافسة غير المتكافاة لليد العاملة الاجنبية.

 المواقف السياسية المتكررة التي يطلقها “التيار الوطني الحر” حيال موضوع النازحين والدعوة الى عودتهم والتحذير من وجودهم على التركيبة الديمغرافية للسكان، لم تكن الوحيدة على خط تأجيج هذا الملف، بعدما دخلت هيئات مجتمع مدني وسلطات محلية تتناغم مع توجهات “التيار” على الخط من خلال اتخاذها قرارات بحق النازحين في قرى او مدن معينة، واكتفاء الحكومة اللبنانية برفع سقف مواقفها من التنسيق مع الجانب السوري، بعيدا عن اية خطوات عملانية للتخفيف من تلك الاعباء او معالجة ما امكن بالتنسيق مع الجهات الدولية.

هذا الدفع المتسارع تجاه ملف يتخذ ابعادا سياسية واقليمية ودولية تتجاوز مصالح اللبنانيين، وصراعاتهم الداخلية ومحاولة كل فريق منهم تسجيل نقاط على خصمه او الضغط من اجل تحقيق مكاسب انتخابية او سياسية، ان كان بالنسبة للفريق الداعي لخروجهم حيث يحاول تحقيق مكاسب في الشارع المسيحي، او بالنسبة لمعارضي التنسيق مع الحكومة السورية انطلاقا من سعيهم لاحتواء ردات فعل الشارع السني، ويسعون الى تسوية تحفظ لهم ماء الوجه وتؤمن مصالحهم التجارية في مسالة الاعمار ما بعد انتهاء الازمة في سوريا.

لكن الاخطر الذي طرأ على هذا السجال، هو محاولة البعض استعادة خطابات مستوحاة من زمن الحرب الاهلية، والتذكير بوجود اللاجئين الفلسطينيين، وفتح جراح الحرب، وهذه امور بحسب متابعين، تدفع باتجاه تعزيز مخاوف تلك الدول، التي ترى ان بعض اللبنانيين يلعبون على حافة الهاوية، وهم ينشغلون في ملف يعلمون أن حله ليس بيدهم وهو ضمن صفقة اكبر من اي دور يمكن ان يقوموا به مجتمعين.

وربما شكل موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي،  الذي كان اعتبر ان وجود النازحين السوريين واللاجئيين الفلسطينيين عبئا على لبنان، مؤشرا على الحيز الواسع الذي يحتله هذا الملف، ومدى الانقسام حياله، داخليا وخارجيا، حيث تخطت الردود على موقفه مساحة لبنان وصولا الى فلسطين المحتلة حيث جاء الرد من المطران عطا الله حنا، الذي اعتبر ان مواقف البطرك الراعي لا تمثل المسيحيين، وقال:”ان تصريحات البطريرك الراعي مرفوضة جملة وتفصيلا ولا تمثلنا كمسيحيين عرب وكمسيحيين مشرقيين، وانا استغرب هذه التصريحات وما هي خلفياتها وسببها وسنتابع هذا الموضوع”.

واضاف: “نحن نرفض هذه التصريحات المسيئة ليس فقط الى السوريين والفلسطينيين الذين يعتبر البطريرك الراعي انهم اصبحوا عبئا على لبنان، واعتقد ان هذا التصرحيات تسيء الى المسيحيين العرب الوطنيين  الذين ينتمون الى فلسطين والامة العربية”.

وختم “هذه التصريحات نرفضها وهي لا تمثلنا ولا تمثل القيم المسحية على الاطلاق”.

Post Author: SafirAlChamal