هل يفتح عون ″ثغرة″ في جدار أزمة النّازحين السّوريين؟… عبد الكافي الصمد

في غضون أسبوع واحد، وضع رئيس الجمهورية ميشال عون مرتين ملف النازحين السوريين في لبنان في رأس قائمة أولوياته، نظراً للتداعيات الخطيرة التي بات يرتبها وجود قرابة مليوني نازح سوري في لبنان من عبء إقتصادي وإجتماعي وأمني، بعدما لمس تقاعساً إقليمياً ودولياً في إيلاء هذا الملف الإنساني الإهتمام الكافي، وخشيته من أن يكون هناك مخطط دولي يجري العمل على تنفيذه، سيكون على حساب النازحين وبعض دول المنطقة، وعلى رأسها لبنان.

المرة الأولى كانت يوم الإثنين الماضي، عندما استقبل عون في القصر الجمهوري في بعبدا سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى سفراء الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، حيث سلمهم رسائل خطية موجهة إلى رؤساء بلدانهم والى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الإتحاد الاوروبي والأمين لجامعة الدول العربية، إعتبر فيها أنه ″أصبح لزاماً على المجتمع الدولي والأمم المتحدة بذل كل الجهود الممكنة، وتوفير الشروط الملائمة لعودة آمنة للنازحين إلى بلدهم، لا سيما إلى  المناطق المستقرة التي يمكن الوصول إليها أو تلك المنخفضة التوتر، من دون أن يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي″.

أما المرّة الثانية فكانت يوم أمس في جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، عندما دعا إلى “تفعيل عمل اللجنة الوزارية الخاصة بالنازحين واتخاذ مزيد من الإجراءات لضبط الحدود”، مشيراً إلى أن تداعيات أزمة النازحين تتفاقم وأن لقاءه مع السفراء هدف إلى استنهاض المجتمع الدولي والأمم المتحدة للبدء بمعالجة الأزمة”، مؤكداً أنه “لا بد من أن تكون مصلحة لبنان هي الأساس في مقاربتنا لموضوع النازحين، وموقفنا يجب أن يكون موحداً. ولن ننتظر الحل السياسي أو الأمني في سوريا، بل واجب علينا أن ندافع عن مصلحة وطننا.

وحسب المعلومات المتوافرة فإن إيلاء عون ملف النازحين السوريين في لبنان يعود لأسباب كثيرة، أبرزها:

أولاً: توجّس عون من تقاعس المجتمع الدولي في معالجة هذا الملف جدياً، بعدما لمس خلال مشاركته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاءاته على هامش الإجتماع،  تواطؤاً دولياً في ملف النزوح من خلال توطين مبطن للنازحين في الدول المضيفة، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف عن ذلك في خطابه.

ثانياً: شعور عون بمخاطر كثيرة على الوضع اللبناني الداخلي جرّاء إستمرار الأزمة من دون بروز أي حلول أو معالجة لها، وبعدما ظهر أن التباعد بين موقف عون وبين الموقف الدولي لا يزال كبيراً، حيث يتمسّك المجتمع الدولي بالعودة الطوعية للنازحين، بالمقابل تعمل بعض الدول المؤثرة على استخدام الملف السوري كورقة ضغط سياسية على سوريا، وعلى لبنان أيضاً، ولا تريد حلا قبل نضوج الحل السياسي في سوريا، واعتبار النزوح جزءاً من هذا الحل، وبالتالي إبقاء قرابة مليوني نازحٍ في لبنان، ما سيترك آثاراً سلبية على الساحة اللبنانية.

ثالثاً: تحجج الدول المعنية بأزمة النازحين، من أجل تأخير عودتهم إلى بلادهم، بأن الوضع في سوريا لا يزال هشاً أمنياً، وأي عودة غير مدروسة قد تؤدي إلى انتكاسة في العودة، بالرغم من أن معلومات الجهات الدولية المعنية بملف النازحين، كالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تفيد أن 40 % على الأقل من النازحين السوريين في لبنان هم من سكان مناطق آمنة في سوريا.

رابعاً: إيلاء عون ملف النازحين هذا الإهتمام فُسر على أنه تحضير لإيفاده مبعوثاً رئاسياً إلى دمشق، يحمل تصوراً حول آلية للتعاون بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وأنه سوف يقترح على الحكومة اللبنانية صيغة للفصل بين هذا الحل والمواقف اللبنانية المختلفة حول العلاقة بالأزمة السورية وأطرافها المحلية والإقليمية والدولية، برغم تمسك أطراف لبنانية بتدويل أزمة النازحين كتيار المستقبل والقوات اللبنانية، ورفضهما مقاربتها على أنها ملف للعلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا.

Post Author: SafirAlChamal