إحباط الحريري يضربه من داخل قلعته الزرقاء!… عبد الكافي الصمد

في الكلمة التي ألقاها الرئيس سعد الحريري مساء أول من أمس، في ختام جلسات مجلس النواب لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2017، ردّ على من يقول بـ″الإحباط السني″، معتبراً أن يقول بذلك من النواب ـ وبعضهم من نوابه في كتلة تيار المستقبل ـ هم المحبطين، متمنياً عليهم ″أن لا يُسقطوا إحباطهم على اللبنانيين أو طائفة أساسية ومؤسسة في هذا البلد″.

الحريري الذي عبّر عن هذا الموقف مستخدماً لغة الجزم، ومؤكداً أن أهل السّنة ليسوا محبطين، بدا واضحاً أنه يوجه هذا الكلام إلى قاعدته الشعبية في التيار الأزرق، ومن يدور في فلكها، خصوصاً بعدما شهدت تلك الجلسة النيابية مداخلات لبعض نواب تيار المستقبل تحدثوا فيها عن إحباط يساورهم، بعدما كان الحريري قد اتهم آخرين بأنهم وراء ترويج مقولة الإحباط السنّي.

أدرك الحريري، أو لعل هناك من لفت نظره من فريق المستشارين الكثر لديه، أن اعتراف بعض نواب تيار المستقبل بوجود إحباط سني يشكل إحراجاً شديداً له أمام قاعدته الشعبية، وأن سكوته يعني إعترافاً ضمنياً منه بوجود هذا الإحباط، ما يؤثر سلباً على معنويات القاعدة الزرقاء على مسافة أشهر قليلة من إستحقاق الإنتخابات النيابية، كون هذه القاعدة في حاجة ماسة إلى رفع معنوياتها وليس العكس، وإلا فإن ذلك يعني تسليم قاعدة التيار الأزرق بالهزيمة مسبقاً قبل أن يبدأ السباق الإنتخابي أولى خطواته.

في كلمته حاول الحريري إرتداء ثوب القائد الجريء والمقدام، الذي يملك من الشجاعة والرؤية والحكمة ومقومات القيادة ما لا يملكه الآخرون ممّن حوله أو ممن يناصرونه، متحدثاً بنبرة عالية بدت مصطنعة، ومحاولاً الحفاظ على “الثقة العمياء” التي أعطاها له جمهور لبناني ضخم بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري عام 2005، لكنه فرّط بالجمهور وبالثقة على نحو تدريجي.

الكلمات القليلة التي تحدث فيها الحريري عن رفض مقولة الإحباط السنّي، بدا فيها زعيم التيار الأزرق رافضاً بشدّة رفع الراية البيضاء والإقرار بالهزيمة، لإدراكه مسبقاً أن أي ضعف أو وهن يظهر عليه سيجعل تياره وقاعدته يصابان بانهيار سريع، بعدما فقدا كل مقومات المناعة، سياسياً وفكرياً وإقتصادياً.

كل ما فعله الحريري في رفضه الإعتراف بوجود إحباط سنّي هو التخفيف قدر الإمكان من الخسارة المتوقع أن يتلقاها في الإنتخابات النيابية المقبلة، محاولاً تحويل النظر عن الظلم الذي يتعرض له جمهوره في الإدارة والقضاء والتوظيف والمشاريع والدعم وتأمين الحماية والغطاء السياسي والأمني، والتفريط بحقوق الطائفة السنّية، مادياً ومعنوياً.

بدا الحريري في موقف لا يُحسد عليه وهو يردّ تهمة الإحباط السنّي عنه، لأن الواقع يعكس غير ما يقول أو يتمنى، بعدما لمس بيده أن خصومه ليسوا من التيارات السياسية الأخرى، وليسوا من داخل الطائفة السّنية، بل جاءته هذه التهمة من داخل بيته الأزرق المأزوم بالإنقسامات الداخلية، تصريحاً أو تلميحاً، ما أوقع الحريري في حرج ومأزق لا يعرف كيف ومتى سيخرج منه.

خلال الأيام الماضية ظهر الحريري في حال لا يحسد عليه، وهو حال سيزداد سوءاً كلما اقترب إستحقاق الإنتخابات النيابية، وما يعيشه التيار الأزرق هذه الأيام ليس سوى إرهاصات الأيام المقبلة التي ستكون ثقيلة عليه من كل الجوانب.

Post Author: SafirAlChamal