هل يستطيع الحريري الردّ على ميقاتي؟… غسان ريفي

للمرة الثانية على التوالي يتوعد الرئيس سعد الحريري الرئيس نجيب ميقاتي بالرد على الانتقادات التي يطلقها بين الحين والآخر، حيال الآداء الحكومي وبعض القرارات التي يتخذها رئيس الحكومة بما فيها التنازلات، لكن الحريري لم يفعل في المرة الأولى، إلا أنه أكد على ″تويتر″ بأن الرد على ميقاتي سيكون عندما يعود الى بيروت قادما من روما، وعندما يعقد جلسة لمجلس الوزراء في طرابلس.

ما يثير إستغراب المتابعين، هو ضيق صدر رئيس الحكومة تجاه الرئيس ميقاتي فقط، في الوقت الذي يتعرض فيه الحريري لانتقادات قاسية من أطراف سياسية أخرى حليفة ومعارضة، ومنها المقولة الشهيرة لسمير جعجع له ″إقعد عاقل″، فضلا عن خروقات من داخل حكومته ومن بيته الداخلي يحرص على غض النظر عنها وعدم إثارتها.

واللافت أن ميقاتي ما يزال يتعاطى مع الحريري بـ″النصح السياسي″ محاولا تصويب بعض ما يراه تجاوزا لصلاحيات المقام السني الأول في لبنان، وذلك حرصا على هيبة هذا الموقع، وعلى التوازنات التي يقوم عليها البلد، في حين أن ميقاتي حتى الآن لم يعامل الحريري بمثل ما عامله به عندما كان رئيسا للحكومة، خصوصا بعدما إنقلب ″زعيم المستقبل″ على كل الشعارات التي كان رفعها، وقبوله بكل ما كان يرفضه إبان حكومة ″قولنا والعمل″.

ورغم ذلك، فان مصادر مقربة من ميقاتي تؤكد لـ″سفير الشمال″ أن ″أفضل رد يمكن أن يقوم به الحريري هو تنفيذ المشاريع الملحة لطرابلس، مشددة على أن هذا الرد يُدخل السعادة على قلب الرئيس ميقاتي″.

تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن الحريري لا يستطيع الرد على ميقاتي، لأنه اليوم في ″برج نحسه″ السياسي، كما أن تسرعه في إتخاذ المواقف ومن ثم رجوعه عنها يجعله محرجا أمام الحلفاء قبل الخصوم.

وتذكر هذه المصادر بأن الحريري كان أطلق ″لاءات″ شهيرة أكد في حينها أن لا رجوع عنها، من أبرزها عدم القبول بقانون النسبية في ظل سلاح حزب الله، وأن لا حوار ولا حكومة ولا جلوس مع الحزب إلا بتسليم المتهمين في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والخروج من سوريا، وتسليم سلاحه للدولة، وعلى هذه الشعارات خاض الحريري معركة سياسية قاسية، تُرجمت ميدانيا بجولات عنف في طرابلس، لكنه في النهاية تراجع عنها، وقبِل بها، وكان مصير أكثرية من مشى في ركب هذه الشعارات من فقراء المدينة الدخول الى السجن بتهم الارهاب وتشكيل عصابات مسلحة لزعزعة الأمن الداخلي.

هذا في السابق، أما حاليا فان الرئيس الحريري يجد نفسه أكثر إحراجا على المستوى السياسي وفي شارعه، كونه يسعى الى البقاء في السلطة، ولا يستطيع مواجهة خروقات الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة، لا سيما لجهة زيارة الوزراء الى سوريا التي إبتدع لها فكرة الزيارات الشخصية، وكذلك لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك، حيث لم يبادر الحريري الى فتح هذا الموضوع في أكثر من جلسة لمجلس الوزراء، وأخيرا محاولة باسيل إيجاد ″حكم ذاتي″ لوزارته والاستقلال بها عن حكومة الحريري الذي لم يحرك ساكنا تجاه هذه السابقة الخطيرة التي تسيء الى مقام الرئاسة الثالثة، تاركا المواجهة لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي رفع السقف تجاه باسيل.

واللافت أن كلام المشنوق جاء متوافقا مع كلام مستشار الرئيس نجيب ميقاتي الدكتور خلدون الشريف الذي ذكّر في معرض رده على باسيل بأن ″السياسة الخارجية للبنان منوطة بحسب المادة ٦٥ من الدستور بمجلس الوزراء وبالتالي من غير المسموح لأي وزير أن يتجاوز الدستور ويبدو في كلام معاليه وكأنه هو من يحدد السياسة الخارجية للبلاد″. ليردف قائلا: ″ليتقوا الله بلبنان ويعودوا الى الكتاب وليلتزموا تطبيقه حتى يريحوا ويرتاحوا″.

أمام هذا الواقع تؤكد هذه المصادر أن الحريري سيكون خاسرا أمام أي رد على إنتقادات ميقاتي الذي يحتفظ بأرشيف كبير لكل الحقبة الماضية، داعين الحريري الى التعاطي مع الأمور، وفق قاعدة ″اللي بيته من زجاج لا يراشق الناس بالحجارة″.

Post Author: SafirAlChamal