خارجية باسيل تُفجّر الخلاف بين الأزرق والبرتقالي… عبد الكافي الصمد

أكثر من خطير ومعبر عن أزمة جدّية تهدد وجود حكومة الرئيس سعد الحريري فعلياً، كان الكلام الذي قاله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أمس، في حفل أقامته على شرفه جمعية متخرجي المقاصد الإسلامية في بيروت، نظراً لما تضمّنه من مواقف إنتقادية قاسية وُجّهت إلى طرف رئيسي في الحكومة هو التيار الوطني الحر، وتحديداً إلى رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، وإن لم يسمه المشنوق بالإسم، لكن كل التلميحات والمؤشرات كانت موجّهة إليه.

ليست هي المرة الأولى التي يوجّه فيها المشنوق، أو أحد وزراء الحكومة المحسوبين على تيار المستقبل تحديداً، إنتقادات إلى باسيل، سواء لجهة مواقفه أو كلامه أو السياسة ″الفردية″ التي يتبعها في وزارة الخارجية، بعيداً عن سياسة الحكومة، أو إمساكه لوحده بملف التعيينات، مستقوياً بموقعه كرئيس للتيار الوطني الحرّ، وصهر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأحد أبرز المقربين منه.

من شأن هذا السجال المستجد والمرتفع السقف بين التيارين، الأزرق والبرتقالي، ليس فقط أن يهدد إمكانية قيام تحالف إنتخابي بينهما في إنتخابات أيار العام المقبل كان جرى التلميح إليه مراراً، إنما أن يتحوّل هذا السجال إلى ″لغم″ ينفجر في حكومة الحريري، ويؤدي إلى نشوء أزمة سياسية سيكون صعباً جداً إحتواء تداعياتها قبل أشهر قليلة من إستحقاق 2018.

فقد اعتبر المشنوق، في كلام مزج به بين الموقف السياسي والحملة الإنتخابية، أن ″السياسة الخارجية اللبنانية شاردة″، منتقداً سلوك باسيل، ومعتبراً أن ″التمادي في هذا الإتجاه السياسي يعرض التضامن الحكومي لمخاطر جدّية″، مشيراً إلى أنه ″لا يمكن الإستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والإرغام″.

مآخذ كثيرة سجلها المشنوق على باسيل في سياسته الخارجية، كان آخرها ما أشيع عن أن ممثل لبنان في منظمة اليونسكو قد أعطى صوته، في انتخابات أمينها العام يوم الجمعة الماضي، إلى مرشح قطر وحجبه عن مرشحة مصر، ما دفع المشنوق لتقديم إعتذاره إلى مصر ″الدولة الموزونة والموضوعية والهادئة، التي كان لها دورها البناء في لبنان، وفي دعم التسوية الرئاسية وفي تشكيل الحكومة″، حسب المشنوق.

لم يختصر المشنوق مآخذه على باسيل بهذا الجانب فقط، بل أخذ عليه أيضاً لقاءه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك، وهو لقاء ″لم يكن منسقاً مع رئيس الحكومة″، فضلاً عن زيارة وزراء في الحكومة إلى دمشق ومشاركتهم في معرضها الدولي، الأمر الذي اعتبره المشنوق ″تهديداً لسياسة النأي بالنفس التي كانت أحد بنود التسوية الرئاسية، وهي تعرضت لضربات في الفترة الأخيرة″.

ولأن التباين بين التيارين الأزرق والبرتقالي ظهر أنه ليس قصة رمانة بل قصة قلوب ملآنة، نتيجة الصراع على السلطة، فقد إمتد هذا السجال ليشمل الحريري وباسيل، على خلفية اختلاف وجهتي نظرهما من أزمة النازحين السوريين، إذ بعدما اعتبر باسيل أن ″كل غريب موجود على الأرض اللبنانية محتل″، في إشارة منه لإعادتهم بـ″القوة″ إلى بلادهم، أكد الحريري أن ″إرغام النازحين السوريين على العودة أمر غير وارد وغير إنساني″.

غير أن باسيل رد على منتقديه بكلام خرج فيه على كل اصول الديبلوماسية وتبادل الخطابات مع المسؤولين الأعلى رتبة منه في الدولة، ما يدل على أن الأزمة بين التيارين قد ذهبت بعيداً، معتبراً أن ″من لا تعجبه سياستنا الخارجية المستقلة، هو المستتبع للخارج وغير المعتاد على العيش بلا تبعية، أما نحن فنعيش ورأسنا مرفوع″.

Post Author: SafirAlChamal