النازحون السوريون: استغلونا سياسيا وينتظرون ثمنا أكبر لبيعنا…عمر ابراهيم

لا يخفي قسم كبير من النازحين السوريين في الشمال استياءهم من تردي أوضاعهم المعيشية والإنسانية وعدم ترجمة بعض القوى السياسية اللبنانية وجهات دولية عدة للوعود التي أُغدق منها الكثير بداية، ولم ينفذ منها إلا القليل على الارض التي تشهد على مآس إنسانية، وحالات اجتماعية يخشى من تفاقمها في ظل اشتداد طوَّق الحصار السياسي والشعبي على النازحين في العديد من المدن والقرى، وارتفاع الأصوات المطالبة بعودتهم، وغياب الغطاء السياسي، لا سيما من تيار المستقبل
يبدو واضحا لدى كثير من هذه العائلات أن الحماسة التي استقبلوا بها مع بداية الأزمة السورية، والتي وصلت في بعض الأحيان الى حرص جهات سياسية على توجيه الدعوة إلى العائلات السورية للهروب إلى لبنان، لم تعد موجودة، بعدما أدت تلك العائلات (بحسب وجهة نظرها) دورا سياسيا ضاغطاً مع انطلاق الثورة، لم تعد موجودة اليوم في ظل الحديث عن تسويات دولية بشأن ما يحصل في سوريا، ما يؤدي إلى حالة غياب شبه تامة لبعض التيارات السياسية التي تكتفي اليوم فقط بإطلاق التصريحات المناهضة لنظام بشار الأسد، على قاعدة ″كفى الله المؤمنين شر القتال″، لا سيما في عكار حيث باتت قياداتها السياسية في حل من اي تعهد وحتى انها في نظر البعض تسهم في محاصرتهم بعدما تبوأت مناصب في السلطة.. 
سنوات مرت على العائلات التي حطت رحالها على الأراضي اللبنانية هرباً من تفجر الاوضاع الأمنية داخل بلادها، حيث لاقت من الحفاوة في الاستقبال ما جعلها تنسى مشقة الرحيل وهجرة الوطن والأقارب والاصدقاء، في مشهد تكرر على مدى الأشهر الأولى من النزوح، تحولت فيه نقطة استقبال النازحين عند الحدود ومراكز إيوائهم ومنازل استضافتهم وحتى المقاهي والمساجد، التي يرتادونها إلى محجة للنواب والسياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين والمنظمات الدولية، سمع خلالها النازحون وعودا أثلجت صدورهم، وأدخلت الطمأنينة إلى قلوبهم حيال مستقبل إقامتهم.
مع مرور الوقت تبددت لدى السواد الأعظم منهم، الكثير من الأحلام، وانقشع زيف الوعود الفضفاضة التي سمعوها على لسان من باتوا اليوم بحسب النازحين، ″يتهربون من الاستماع إلى معاناتنا وملاقاتنا ولو لبعض الوقت، ولا يردون على اتصالاتنا الهاتفية بعدما سارعوا بداية الى تزويدنا بأرقام هواتفهم وكانوا يمضون ساعات على الحدود لاستقبالنا″، وهو ما دفع البعض منهم إلى التعليق قائلا: ″يبدو أننا كنا مادة للاستغلال الإعلامي والسياسي، ولتحقيق مكاسب وربما ينتظرون ثمنا اكبر لبيعنا″. 
وإذا كان التيار الوطني الحر على وجه الخصوص يتصدر  المواجهة السياسية ويخوض حربا ضد النازحين وصلت في بعض الأحيان الى حدود العنصرية، فان اللافت هو في موقف قيادات في تيار المستقبل هي اليوم في موقع القرار الحكومي وبدات تتصرف مع النازحين بما يتناغم مع موقف حليفها التيار الوطني في ممارسة الضغوطات لا سيما في عكار وطرابلس. . 
من يستمع إلى النازحين السوريين اليوم يتلمس منهم حجم المأساة المصحوبة بالخوف على مصيرهم في ظل انسداد أفق الحل في وطنهم وغياب الرؤية الواضحة حول مستقبلهم، وعدم وجود مرجعية موحدة وصالحة تهتم بشؤونهم وتتابع قضاياهم اليومية، وإن كان منهم من بات على قناعة تامة بأن الآتي من الأيام، لن يكون أفضل مما مضى، وهو ما دفع بعضهم إلى التفكير جديا بالعودة إلى مناطقهم في سوريا، في حال كان هناك ضمانات دولية. 
لا يتردد النازحون في التشديد على أن سبب اختيار محافظة الشمال يعود لما أبلغوا به، وشاهدوه بداية عبر وسائل الإعلام من اهتمام وحسن استقبال، لافتين النظر إلى أنهم وجدوا بيئة حاضنة اولا  لكنهم افتقدوها وفقدوا معها الشعور بالامان.

Post Author: SafirAlChamal