بعل الدراويش .. حرمان يتوالد… روعة الرفاعي

darawish 2

″البقعة التي لا تحظى فيها بالاهتمام لا يمكنك الشعور منها بالانتماء″، وكيف بالامكان أن نطلب من أبناء التبانة بذل الجهود في سبيل اعادة احياء منطقتهم في الوقت الذي ما تزال فيه صور الأبنية المهدمة والمشوهة شاهدة على الحروب التي توالت عليها، اضافة الى الظلم الذي خلف ويخلف في نفوس أبنائها الكثير من ردات الفعل السلبية تجاه منطقتهم بالدرجة الأولى ومن ثم وطنهم بشكل عام بالدرجة الثانية.

من هنا لا يمكن لمن ينتقد أبناء التبانة ويرميهم بوابل الاتهامات يومياً الاستمرار بنفس النهج من دون الوقوف على حقيقة واقعهم المعاش من أجل وضع اليد على الجرح، والذي ان كان معلوماً من الجميع الا ان معايشة آلامه بالفعل ولسنوات طويلة يجعل من الصعوبة بمكان ″العيش بسلام″ ضمن بيئة تفتقر لكل المقومات من نظافة وطرقات ومياه وملاذ آمن على الصعيد النفسي هذا ناهيك عن انعدام كل أماكن التسلية من حدائق وملاعب يمكن للأطفال ممارسة أنشطتهم ضمنها بعدما تعذر عليهم بسبب حالة الفقر التي يتخبطون بها الخروج من التبانة بقصد البحث عن الرفاهية التي تتوفر لغيرهم من أبناء الوطن في حين يحرمون منها وهي ليست ببعيدة عنهم سوى أمتار قليلة .

حتى الساعة، فان جل ما يمكن لبلدية طرابلس القيام به ارسال أعضاء المجلس البلدي للاطلاع على واقع أبناء التبانة، مع العلم أن القاصي والداني يعرف ″حالهم″، حيث ان أية خدمات من البلدية لا يمكن توفرها بالرغم من المليارات الموجودة في صندوقها والتي وهي تتحدث عن هذه المبالغ في كل مناسبة وتتباهى بالوفر الحاصل، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول ″ساسة تضييق الخناق على أبناء التبانة″ الذين لا يغيب عن بالهم أبدأً بأنهم ″كانوا وسيبقون صندوق بريد ليس الا″.

من أحياء التبانة تبرز منطقة ″بعل الدراويش″ المجاورة لمنطقة جبل محسن، وما تعانيه من اهمال مخيف على صعيد الأوساخ المتراكمة في كل مكان، والانقطاع المستمر في مياه الشرب بينما تجتاح المياه الآسنة الشوارع بسبب اهتراء الشبكة التي طال الحديث عن امكانية تحديثها، أما الأبنية فيها فحدث ولا حرج البعض منها مهدم بالكامل والبعض الآخر مخردق بالرصاص مما يحرم السكان من متعة النظر الى ما يمكن أن يمنحهم الأمل ″بمستقبل أفضل″ فمتى يكتب لهم ″العيش بسلام″ في بلد لا زال أهل السياسة فيه يتصارعون على جنس الملائكة وقد غاب عن أذهانهم ما للشعب من حقوق عليهم!!!.

يقول المواطن عبد القادر الحموي من منطقة بعل الدراويش: ″المنطقة ومنذ سنوات تعاني من انقطاع متواصل في مياه ″الشفة″ وان أتت فانها تأتي ملوثة لاختلاطها بمياه المجارير، والأهالي يلجؤون الى شراء ″غالونات المياه″، وبالطبع الأمر يتطلب توفر الأموال، باختصار الأوضاع كارثية في المنطقة وهي تحتاج الى الكثير من الخدمات أقله على صعيد النظافة حيث تنتشر النفايات بطريقة عشوائية في الأزقة والبراحات، ولطالما قمنا بتوجيه المواطنين وحثهم على عدم رمي النفايات لكننا عبثاً نحاول، وهنا فاننا نناشد بلدية طرابلس وعلى رأسها المهندس أحمد قمر الدين الالتفات لمنطقة بعل الدراويش والتي عانت أكثر من غيرها جراء الجولات القتالية، هي دفعت الأثمان الباهظة بأرواح البشر ودمار الحجر، وفي النهاية لم تلق الاهتمام اللازم وبقي أهلها بانتظار تنفيذ الوعود التي قطعها السياسيون طيلة السنوات الماضية″.

ويشير الحموي الى ″أن أعضاء المجلس البلدي يزورون المنطقة ويطلقون الوعود ولكنها تذهب أدراج الرياح، علما ان معاناتنا لا تحتاج الى وعود بل إعلان حالة طوارئ تشمل إعادة تأهيل المجارير والطرقات التي تفتقر الى أدنى مقومات السلامة العامة سيما في ظل وجود أعداد هائلة من الأطفال″.

من جهته يقول وليد الزعبي أحد الناشطين في سبيل رفع الحرمان عن كاهل التبانة: ″إن مشاكلنا كثيرة والكل يعرفها، وُعدنا بالانماء ولم نلق الا الحرمان، البطالة المستشرية تنعكس سلباً على كل مجريات الحياة، فخروج الشباب الى الشوارع بحثاً عن التسلية يدفعهم للكثير من المشاكل، أضف الى ذلك ان الحرمان المستفحل لا يفتح المجالات واسعة أمام الشعور بالانتماء للمنطقة من هنا تنتشر النفايات داخل الشوارع وعند الزوايا وفي البراحات، وهنا نحن نحمل المسؤولية كاملة لبلدية طرابلس والتي لا تتابع الأمر وتحرر محاضر الضبط بحق المخالفين ان هي أرادت للتبانة حياة سليمة، أم أن تطلق الوعود هباء منثوراً فالأمر لا يحتمل المزيد من الاهمال والفوضى″.

وعن مياه الشرب يقول: ″كل مياه التبانة مشكوك بأمرها، أما في منطقة بعل الدراويش فالكارثة أكبر نظراً لانقطاع المياه بشكل متواصل ومتى تم تأمينها فان مياه المجارير تدخل فيها ومصلحة المياه تحذر من استخدامها دون أن تلجأ لايجاد الحلول، وهنا نسأل كيف بامكان من لا يملك ثمن ربطة الخبز أن يشتري يومياً غالونات المياه؟″.

ويلفت الزعبي الى ان المنطقة لا تستفيد الا من الخدمات التي يقدمها الصليب الأحمر الدولي في سبيل رفع الاهمال عن كاهل أبنائها.

Post Author: SafirAlChamal