الأرثوذكس والتفتيش عن الزعامات… مرسال الترس

لا يختلف مراقبان على أن تركيبة لبنان الطوائفية والمذهبية ترفع باستمرار من وتيرة لجوء المواطنين الى الاحتماء بمرجعياتهم الدينية من أجل الحفاظ على حقوقهم، والاحتماء بمرجعياتهم السياسية من أجل تحصيل المطالب البديهية التي على الدولة واجب تقديمها، لذلك عندما يختل التوازن في أي من الامرين تصبح وعلى الاقل شكلياً، حصة أي طائفة عرضة للطمع من الطوائف او المذاهب الاخرى. وهذا ما يسمعه اللبنانيون في العديد من المفاصل أن حقوق هذه الطائفة أو ذاك المذهب مهدورة.

هذا الامر ينطبق اليوم على طائفة الروم الارثوذكس التي تحتل المركز الثاني في تعداد السكان المسيحيين في لبنان بعد الطائفة المارونية، والرابعة في الترتيب العام. حيث أنها تعاني من أزمة حقيقية في الزعامة السياسية على عكس ما كان الامر منذ ما قبل الاستقلال حين تبوأ موقع رئاسة الجمهورية كل من شارل دباس وبيترو طراد.

ما بعد الاستقلال سعت بعض الشخصيات الارثوذكسية الى إحداث نقلة نوعية في هذا المجال: وابرزهم كان نائب رئيس الحكومة السابق ووزير الداخلية في أكثر من حكومة ميشال المر ابن بلدة بتغرين الذي استطاع إختراق السيطرة الحزبية في المتن في ظل سطوة الكتائب ورئيسه المؤسس بيار الجميل، ولكن مع عودة العماد ميشال عون من المنفى الباريسي وسيطرته نيابياً عل المناطق المسيحية ولاسيما في كسروان والمتن وبعبدا، بدأ وهج المر بالتراجع. فيما نجله الياس أغوته اللعبة الامنية بعد شغله موقع وزير الداخلية ومحاولة الاغتيال التي تعرض لها عام 2005 فاتجه لرئاسة الانتربول.

الى المر لمع اسم عصام فارس ابن عكار في الاستقطاب السياسي كشخصية من الطائفة بدأ وبات يشكل حالة لافتة على مستوى لبنان ككل. الاّ أن استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 أبعده عن إستكمال طموحه، وما زال حتى اليوم لم يحسم عودته لاسباب لم تتبلور بشكل كامل.

الى ذلك فهناك اسماء عدة من الطائفة لعبت أدوراً محددة في السياسة اللبنانية ولاسيما من خلال موقع نائب رئيس مجلس النواب ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: ميشال ساسين ابن الاشرفية في بيروت الذي كان قريباً من الرئيس كميل شمعون، ايلي الفرزلي ابن بلدة جب جنين البقاعية الذي ظهر نجمه اثناء الوجود السوري في لبنان ولاحقاً كمقرب من الرئيس ميشال عون. وفريد مكاري ابن بلدة أنفة في الكورة الذي كان صديقاً للرئيس رفيق الحريري، والذي يعتبر الأقوى كورانيا، في حين ظهر الثقل الارثوذكسي في الاحزاب العقائدية ولاسيما الحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وسواهما، من دون أن تتمكن أي شخصية من الطائفة من تكوين كيان ارثوذكسي صرف على غرار ما حصل لدى الموارنة والسنّة والشيعة والى حدٍ ما الروم الكاثوليك.

فهل ستؤدي الانتخابات النيابية المقبلة ومن خلال القانون النسبي الى استنباط اسماء لامعة في الطائفة، بعيداً عن التجارة والاقتصاد والصحافة؟ أم سيظل تظهير متقدمي الروم الارثوذكس مرتبطاً بإرادات الطوائف الاخرى؟ سؤال سيبقى بدون جواب حتى تتضح الصورة مستقبلاً!

Post Author: SafirAlChamal