كورنيش الميناء: يهجره رواده.. ويعيش غربة عن بيئته… عمر ابراهيم

رغم نظرة البعض الإيجابية لإزالة المخالفات عن كورنيش الميناء البحري قبل نحو اسبوعين، وإرتفاع منسوب التفاؤل بتنفيذ المشروع المرتقب بعيدا عن أية صفقات أو مشاريع تجارية مشبوهة يجري الحديث عنها، الا ان ذلك لا يمنع البعض من الاسف على الكورنيش الذي كان يضج بالحياة رغم المخالفات، وبات بين ليلة وضحاها مهجورا بإنتظار تنفيذ المشروع وعودة الحياة بشكلها الجديد وفق الدراسات والمخططات الموضوعة.

لا يختلف اثنان على اهمية تنظيم الكورنيش الاطول في لبنان على مسافة سبعة كيلومترات، كما لا يمكن اغفال الاهمية الاقتصادية والسياحية والبيئية من وراء المشروع المقترح في حال تم تنفيذه وفق الدراسات المنجزة، التي تنص على معالجة مشكلة المجارير وربطها بمحطة التكرير عند مصب نهر ابو علي، وتأهيل الواجهة البحرية عبر إقامة حدائق وأرصفة وممرات وملاعب وغيرها.

لكن على مدار السنوات الماضية كان هذا الكورنيش يعتبر المتنفس الوحيد لابناء طرابلس والشمال، وملاذ الفقراء ومتوسطي الدخل على وجه الخصوص، حتى ميسوري الحال كان البعض منهم يجد متعة الجلوس في مقاهيه الشعبية (المخالفة) وتحديدا في شهر رمضان حيث كان يصل اصحاب تلك المقاهي لليل بالنهار.

ولعب هذا الكورنيش بمخالفاته دورا هاما في رفد الحركة الاقتصادية في الميناء بآلاف الزائرين من مختلف المناطق اللبنانية، وكان يشكل حيوية تفتقدها طرابلس ومناطق شمالية أخرى، فضلا عن أن الحركة الكبيرة ربما شجعت بعض اصحاب المرافق السياحية على افتتاح مطاعم ومقاهي في المقلب المواجه للكورنيش، مع تسجيل تحفظات على المنافسة غير الشرعية للمقاهي الشعبية المتواجدة امامهم.

لكن منذ اسبوعين تقريبا تغير المشهد في الميناء بشكل كلي، وبات هذا الكورنيش اشبه بمنطقة مهجورة، بعد ازالة المخالفات، لدرجة بات البعض يخشى التوجه اليه ليلا لغياب الحركة وعدم وجود اضاءة كاملة وحماية امنية، ليتحول بعد غروب الشمس الى منطقة محظورة للعائلات الا من بعض الشبان الذين اعتادوا السهر يوميا في مقاهيه، فعادوا اليه ولكن بكامل عتادهم من قهوة جاهزة ونرجيلة وجلسوا على أرصفته، ومنهم من لا قدرة له على التوجه الى مقهى اخر او مطعم في المحيط.

غصة الفقراء على متنفس يمضون فيه بعض الوقت، ليست وحدها البارزة، فاللافت هو تحول شكوى اصحاب المرافق السياحية المعترضة سابقا على وجود المقاهي المخالفة، الى ″نق″ من تراجع الحركة في هذه المنطقة، حيث اعرب البعض منهم عن حسرته لغياب الزائرين الذين كانوا ينتشرون على طول الكورنيش ولأوقات متأخرة من الليل، وكانوا يشكلون ركيزة الحركة الاقتصادية حتى لمقاهيهم ومطاعمهم.

وبانتظار أن يصار الى تنفيذ المشروع يبدو أن الكورنيش سيبقى مهجورا ورواده غائبين عنه، لحين تبلور الصورة ومعرفة شكل المشروع الذي سينفذ وان كان للفقراء حصة فيه أم لا.

Post Author: SafirAlChamal