شركات ″الفاليه باركينغ″ تنهب المواطنين… ساندي الحايك

ليست النفايات وحدها التي تخنق بيروت.. السيارات أيضاً تُحكم قبضتها على عنق العاصمة، إزدحامها بالسيارات يُضيف أزمة أخرى إلى أزمة السير المُعتادة فيها، وهي أزمة ″الصفّات″ أو انعدام وجود مساحات لركن السيارات، وقد تحوّلت إلى همّ يومي يُلاحق القاصي والداني.

تلك الأزمة التي تعود جذورها إلى غياب دراسات التخطيط المدني في قلب العاصمة، وعدم التزام أصحاب وبانيي العقارات بتأمين احتياجات الناس، أدت إلى ظهور ما يُعرف بالـ″valet parking″ أو خدمة ركن السيارات، على قاعدة ″الحاجة أمّ الاختراع″.

مع الوقت، تحوّلت تلك الخدمة إلى فرصة لاستغلال المواطنين عبر فرض تعرفات عشوائية عليهم لقاء ركن السيارة، تصل إلى 20 ألف ليرة أحياناً. وما يعزز قدرة أصحاب الـباركينغ على فرض مبالغ خيالية على المواطنين هو غياب الرقابة الرسمية، حيث تلعب الدولة اللبنانية دور المتفرج منذ فترة طويلة على عملية نهب المواطنين، رغم ورود شكاوى كثيرة في هذا الإطار.

قبل ثلاثة أشهر، صدر قرار مشترك عن وزارتي الداخلية والسياحة قضى بتحديد تعرفة الـvalet parking بـخمسة آلاف ليرة لبنانية فقط. وما كادت تصل فرحتنا إلى قرعتنا حتى تمّ رفع التعرفة إلى عشرة آلاف ليرة في بيروت وضواحيها. وقد مُرر القرار بسريّة. ولم يُنشر في الجريدة الرسمية حتى الآن إلا أن عدداً كبيراً من أصحاب الـvalet parking بدأوا بتطبيقه.

وبحسب مصادر متابعة للملف في وزارة السياحة، فإن القرار لم يشمل كافة المناطق اللبنانية بل ارتكز على العاصمة بيروت حصراً، مشيرةً إلى أن وزير السياحة أفيديس كيدانيان درس شكوى مرفوعة من أصحاب شركات الـvalet parking طالبوا فيها بتعديل التعرفة نظراً لأنهم يتكبدون مبالغ طائلة ثمناً لأجار الأرض التي يعملون فيها ويستخدمونها لتأمين خدمة ركن السيارات للمواطنين.

في المقابل، أكدت مصادر من وزارة الداخلية لـسفير الشمال أن القرار الأخير من شأنه نشر الفوضى وإعادة الأمور إلى سابق عهدها، إذ بدأ عدد من أصحاب الشركات خارج بيروت يتذرعون به لفرض التعرفة الجديدة (أي 10 آلاف ليرة) على المواطنين.

في العام الماضي دبّ خلافٌ بين أحد المواطنين وصاحب موقف سيارات للعموم، ما دفع بمحافظ بيروت زياد شبيب إلى إصدار قرارٍ قضى بتحديد التعرفة القصوى لمواقف السيارات للعموم وفق دراسة مفصّلة، عُدلت على أساسها التعرفة بحسب موقع الموقف وطبيعته والفترة الزمنية لركن السيارة. ونصّ القرار على تسليم إيصالات دفع للزبائن يُدوّن عليها وقت دخول السيارة الى الموقف ووقت خروجها، وتُستخدم لاحتساب التعرفة النهائية.

وعليه، قَسّمت الدراسة بيروت إلى أربع مناطق: المنطقة الأولى والثانية والثالثة والرابعة. وحددت تعرفة ركن السيارة في المنطقة الأولى على الشكل التالي: من صفر إلى ثلاث ساعات بـثلاثة آلاف ليرة، ومن ثلاث إلى خمس ساعات بـأربعة آلاف ليرة، ومن خمس ساعات إلى ثماني ساعات خمسة آلاف ليرة، من ثماني ساعات الى عشر ساعات ستة آلاف ليرة، ومن عشر ساعات الى أربع عشرة ساعة سبعة آلاف ليرة.

ويطرح ذلك سؤالا: أليس من الأجدى حالياً اعتماد الأسلوب نفسه وتحديد التعرفة وفق دراسة علمية مُفصلة تُراعي احتياجات المواطنين، لاسيما ذوي الدخل المحدود، بدلاً من الأخذ بعين الاعتبار جشع أصحاب الشركات الذي لا يُمكن إشباعه؟

مما لا شكّ فيه أن شركات الـvalet parking تحوّلت إلى ضرورة في عاصمة يفوق عدد السيارات فيها عدد الطرق وطاقتها الاستيعابية، لذلك فإنه لا مفرّ من اعتماد الدراسة لفضّ النزاع بين أصحاب الشركات والمواطنين المنهوبين منذ سنين.

Post Author: SafirAlChamal