خصوم المستقبل ″يهزّونه″ في بيروت: نهاية الآحادية السّياسية؟… عبد الكافي الصمد

لم تكد تمضي 48 ساعة على اللقاء الذي جمع في بيروت بين رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي ووزير العدل السابق أشرف ريفي، حتى أطلق الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، في احتفال أقامته منسقية بيروت بمقرها في الطريق الجديدة، الماكينة الإنتخابية للتواصل في العاصمة.

ومع أنه لم يكن هناك رابط بين الإجتماعين، في الشكل، إلا أن قراءة هادئة لما بين سطور اللقاءين، وما صدر عنهما، كانت تشير بوضوح إلى أن المجتمعين في اللقاءين كان أحدهما يتناول الطرف الآخر، محاولاً معرفة ما يفكر ويخطط له، وتحضير نفسه للمواجهة المنتظرة بينهما في الإنتخابات النيابية المقبلة.

وأبرز ما يمكن التوقف عنده في اللقاءين النقاط التالية:

أولاً: بعد إعلان ريفي مؤخراً أكثر من مرة أنه سيخوض الإنتخابات النيابية في جميع الدوائر ذات الحضور السني في مواجهة تيار المستقبل، وخصوصاً في دائرة بيروت الثانية، قرن القول بالفعل، عندما عقد قبل أيام لقاء مع ممثلين عن فاعليات وعائلات بيروت في عرمون، قبل أن يعقد لقاءه مع مخزومي، أحد أبرز الوجوه المعارضة لتيار المستقبل في العاصمة، ما يؤكد أن ريفي يسعى لجمع حلف سياسي يكسر الآحادية التي أحكم التيار الأزرق بواسطتها قبضته على العاصمة، مستفيداً من عدة عوامل يأتي على رأسها تراجع نفوذ وشعبية تيار المستقبل، وقانون الإنتخابات الجديد، الذي يحول دون بقاء تيار المستقبل مسيطراً بالكامل على تمثيل العاصمة نيابياً.

ثانياً: أرسل ريفي ومخزومي ″رسائل″ سياسية واضحة إلى الرئيس سعد الحريري وتياره بهذا الخصوص، عندما أكدا في البيان المشترك الصادر عنهما أنه ″تم التوافق على ضرورة توحيد جهود أبناء الطائفة السنية لإخراجها من أجواء الإحباط التي يغذيها الضعف في ممارسة السلطة″، في إشارة واضحة الى الحريري نفسه، برغم توضيحهما أن ″هذا الإجتماع ليس موجهاً ضد أحد في الطائفة ولا في الوطن″، إلا أن اللبيب من الإشارة يفهم.

ثالثاً: شكل اللقاء مصدراً للإزعاج والقلق في صفوف تيار المستقبل في بيروت، لأنه بات يدرك أن ″مروحة″ خصومه ضمن الطائفة تكبر كل يوم، وأنه لم يعد بإمكانه بعد اليوم تحجيمها أو شطبها من المعادلة، ومنعها من التمثيل داخل المجلس النيابي، مستفيدة من قانون الإنتخابات الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي. وإذا ما تبين أن لائحة خصوم التيار الأزرق في الدائرة الثانية من العاصمة كبيرة، من ريفي ـ مخزومي، إلى الجماعة الإسلامية وجمعية المشاريع والمرابطون والناصريون، عدا عن الحضور السياسي المتنامي للرئيس نجيب ميقاتي يمكن معرفة ″ثقل″ المواجهة على الحريري وتياره السياسي.

رابعاً: في اللقاء الذي عقده الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري مع منسقية بيروت، قال كلاماً جديداً وطارئاً على خطابه السياسي، عندما دعا ″للوقوف في وجه المعركة الشرسة ضدنا، والتي تتجدد اليوم بأشكال مختلفة لإلغائنا من الحياة السياسية، لكن أحداً لن يلغينا″.

ولعله من المفيد لفت نظر الحريري إلى أن أحداً لم يقل أو يدعو إلى شطب وإلغاء تيار المستقبل من الحياة السياسية، وليست لديهم القدرة أصلاً، بل إن جميع القوى السياسية السّنية كانت وما تزال تدعو إلى كسر آحادية تمثيله السياسي والنيابي للطائفة، فهل يعتبر الحريري أن كسر الآحادية تعني شطبه من الحياة السياسية؟

وما يزيد الأمر إستغراباً أن التيار الأزرق الذي سعى بكل جهده لشطب وإلغاء كل القوى السياسية السّنية المعارضة له منذ عام 2005، مستخدماً ضدها أسلحة التحريض السياسي والمذهبي والإعلامي على اختلافها على قاعدة ″كل من ليس معنا فهو ضدنا″، و″من ليس معنا فهو شريك في اغتيال الرئيس رفيق الحريري″، ودعوته الناخبين إلى انتخاب لوائح التيار ″زي ما هيي″، ترى هذا التيار اليوم يشكو، ولو وهماً، من اقتراب ″كأس″ الإلغاء منه، وهو الذي لم يوفر جهداً ولا مناسبة من أن يذيقها لكل معارضيه وخصومه.

هذا الواقع يدفع بعض المتابعين الى القول: ″سبحان مغير الأحوال″.

Post Author: SafirAlChamal