القوات بين التيار والكتائب.. تخشى الخروج ″من المولد بلا حمص″!… غسان ريفي

ليست المرة الأولى التي يختلف فيها حزبا القوات اللبنانية والكتائب في السياسة، وعلى إستقطاب الشارع، لكن هذه المرة يأخذ الخلاف منحى تصاعديا وصولا الى الصراع بين المكوّنين المسيحيين اللذين تجمع بينهما مساحة شعبية مسيحية مشتركة، تُخفق القوات في تلبية طموحاتها، وينجح الكتائب في دغدغة مشاعرها بخطاب معارض جذاب.

يبدو واضحا أن القوات اللبنانية ضاقت ذرعا بمواقف رئيس الكتائب سامي الجميل المعارض الشرس الذي يوزع إتهاماته يمينا ويسارا، ويسعى الى إستقطاب الشارع من خلال الضرب على الأوتار الشعبية المتعلقة بتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، بما في ذلك رفض الضرائب،  إضافة الى الغمز الدائم من قناة القوات، التي ردت عليه ببيان شديد اللهجة إستنكرت فيه إصرار الجميل على ″الغمز واللمز″ من قناة القوات على ″الطالع والنازل″.

وحاولت القوات في البيان الصادر عن دائرتها الاعلامية تسخيف معارضة الجميل والتشكيك بها، مشيرة الى أن ما حال دون مشاركته في الحكومة هو عدم إعطائه حقيبة الصناعة، مؤكدة أنها لو أعطيت له لكان هو شخصيا وزيرا في الحكومة، وبالتالي فان معارضته ليست مبدئية.

ورفضت القوات كلام الجميل لبرنامج ″بموضوعية″ بأن ما يجمع القوات والتيار الوطني الحر يرتكز على مجموعة مصالح، مذكرة الجميل ″بتاريخها النضالي ودفعها الأثمان السياسية″، مشددة على أن ″المصالحة المسيحية لم تكن لتتحقق لولا القيام بخطوة بحجم إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية″، لافتة الى أنه ″من المعيب أن يغمز الجميل من قناة القوات في مواضيع تتعلق بالسيادة والاستقلال وقيام الدولة في لبنان″.

تشير المعطيات الى أن القوات اللبنانية تشعر نفسها اليوم ″محشورة″ في ″بيت اليك″ فهي تشارك في السلطة وتحمل وزرها شعبيا من دون أن تحصل على المكاسب والمنافع التي كانت تمني النفس بها، وهي خاب ظنها مرات عدة في التعيينات الادارية والعسكرية وإتخاذ القرارات وصولا الى التشكيلات القضائية الأخيرة التي لم يؤخذ رأيها فيها لا من قريب ولا من بعيد، في وقت لا يقيم فيه وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وزنا للشراكة التي من المفترض أن تكون قائمة مع القوات، فيتخذ القرارات بمفرده، ويعمل بوحي مصلحة تياره بالدرجة الأولى، وفوق ذلك يأخذ على القوات أنها ترشح بعض الشخصيات في الدوائر الانتخابية من دون أن تقف عند رأيه، ما يدفع كثير من القواتيين الى تشبيه سلوك باسيل بقاعدة: ″ضربني وبكى سبقني وإشتكى″.

القوات التي كانت تتطلع الى أن تكون شريكة أساسية للعهد، تجد نفسها أنها تغطي هذا العهد وتخشى من الخروج من المولد بلا حمص، حيث أن التيار الوطني الحر الى جانب تيار المستقبل يحققان المكاسب في التعيينات وعلى صعيد الدولة، وحزب الكتائب يستقطب القواعد الشعبية بخطاب المعارضة الذي يشكل عامل جذب للبنانيين، لذلك بات صدر القوات ضيقا تجاه الكتائب على وجه التحديد، كونه يتحدث بلغتها المعهودة، ويتجه لأن يقضم من شعبيتها في الشارع المسيحي، ما يساهم في تنمية الصراع بينهما.

هذا الواقع ينفي جملة وتفصيلا إمكانية أن تكون السعودية قد لعبت دورا في تقريب وجهات النظر بين رئيس القوات سمير جعجع ورئيس الكتائب سامي الجميل، خصوصا أن الخلافات بعد عودتهما الى لبنان تنامت بشكل كبير، وبدأت ببيان القوات الذي آثر الكتائب عدم الرد عليه، لكنه في الوقت نفسه أطلق العنان لناشطيه على مواقع التواصل الاجتماعي الذين شنوا عبر تغريداتهم هجوما غير مسبوق على القوات وتغطيتها الارتكابات التي تقوم بها السلطة السياسية الحاكمة.

Post Author: SafirAlChamal