الحريري من البقاع: أرقٌ إنتخابي.. وبحثٌ عن ثقة زرقاء!… عبد الكافي الصمد

أكثر من لافت كان خطاب الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري من البقاع، يوم أمس، حيث مرّر خلاله الكثير من الرسائل السياسية، وتضمّن في طيّاته أكثر من إشارة عن ″عقل″ التيار الأزرق، وما يجول في خاطر قياداته من أفكار، أو ما ينتابهم من هواجس، أو ما يملكون من معلومات تتعلق بمصير لبنان والمنطقة.

ومع أن الأمين العام للتيار الأزرق كان يحرص في كل جولة مناطقية يقوم بها إلى مختلف المناطق اللبنانية، على توجيه رسائل سياسية في إتجاهات متعددة، فإنها المرة الأولى، على الأرجح، التي تتضمّن إحدى خطابات الحريري هذا الكمّ من الرسائل السياسية البالغة الأهمية، المشفرة وغير المشفرة.

ومن بين هذا الكمّ الكبير من رسائل الحريري، يمكن التوقف عند أبرزها، وهي:

أولاً: تنويه الأمين العام لتيار المستقبل برئيس الحكومة سعد الحريري، ووصفه إياه بأنه يزين مواقفه بميزان من ذهب، مقابل أطراف آخرين تزين مواقفها للأسف على ميزان الصوت التفضيلي والإنتخابات القادمة. تكفي هذه الاشارة لتدلّ على امتعاض التيار الأزرق وعدم رضاه عن قانون الإنتخابات الجديد، برغم موافقته عليه مكرهاً، وتحديداً عن بند الصوت التفضيلي فيه، الذي يعني أنه لن يكون بإمكان القاعدة الزرقاء في الإنتخابات المقبلة أن تقول للرئيس الحريري ″لعيونك″ عندما يدعوها إلى انتخاب لائحته ″زي ما هي″، لأن القانون الجديد القائم على النسبية والصوت التفضيلي سيلغي البوسطات والمحادل التي كان تيار المستقبل يستأثر من خلالها بأكثرية مقاعد الدوائر الإنتخابية ذات الأغلبية السنية، ما سيؤدي الى كشف الحجم الفعلي لتيار المستقبل ونوابه ومرشحيه في مختلف الدوائر، وهو أمر يجعل قيادات وقواعد تيار المستقبل تعيش هذه الأيام أرقاً وقلقاً كبيرين.

ثانياً: يدّعي الحريري، بما يخصّ الإستحقاق الإنتخابي، أن ″الإنتخابات ليست البوصلة التي توجّه خطابنا السياسي، بل ما يوجّه خطابنا هو مصلحة هذا البلد″، وهو إدّعاء لا يتوافق مع الواقع، ولا مع سجل تيار المستقبل في مقاربته أي إستحقاق إنتخابي. ولو عاد الحريري نفسه إلى إرشيفه الشخصي، وقارن بين خطاباته التي يلقيها قبل أي إستحقاق إنتخابي، وخطاباته التي يلقيها بعده، لتأكد أن الإنتخابات كانت دوماً، وما تزال، هي البوصلة التي توجّه خطابه السياسي، وأدائه ومواقفه وتحالفاته.

ثالثاً: أخطر ما تضمنه خطاب الأمين العام لتيار المستقبل، قوله إن التسوية الرئاسية التي قام بها الرئيس الحريري، بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ″لم تحم البلد أمنياً وإقتصادياً فقط، ولم تحم نظامنا السياسي واتفاق الطائف فقط، بل منعت تقسيم البلد″، متوقفاً عن ″الإستفتاء الذي حصل في كردستان ـ العراق الذي قسّم دولة عربية كبيرة″، ليقول إنه ″لو لم نستدرك هذه الأزمة السياسية كنا لنشهد على أصوات في البلد تدعو لاستفتاء لهذه الطائفة وتلك الطائفة″. فماذا يقصد الحريري بكلامه هذا، وعن أي طائفة يتحدث، وهل كان هناك فعلاً مشاريع تقسيم مماثلة قيد التحضير في لبنان، وهل أن تياره السياسي كان على علم بها، وما هو موقفه منها؟

رابعاً: بعد أن يبرر الأمين العام لتيار المستقبل مواقف وسياسات رئيس الحكومة، ينتقل ليدعو إلى ″وجوب″ وجود ثقة بين قيادات التيار وقواعده، محذراً من أنه ″إذا لم يكن هناك ثقة بيننا وبينكم، لا يمكننا أن نصل إلى برّ الأمان″. هذا الخطاب في استجداء الثقة من جمهور التيار الأزرق، يعتبر طارئاً على خطابات قيادات تيار المستقبل، وهو يُعبّر عن أزمة فعلية يعانيها التيار وليس دليل تواضع. فهل يذكر الحريري نفسه يوم جاء إلى طرابلس، وخاطب أهلها من باب التبّانة في مهرجان شعبي، راداً على خروج أصوات من داخل تيار المستقبل تنتقد مواقفه وسياساته، في إشارة إلى الوزير السابق أشرف ريفي، ليقول باستعلاء: ″لا صوت في تيار المستقبل يعلو فوق صوت سعد الحريري!″.

Post Author: SafirAlChamal