مجزرة المولدات في صيدا.. من يحمي الآمنين؟… عمر إبراهيم

saida 2

عاشت معظم أحياء صيدا أجواء حرب حقيقية، وإستعادت لساعات تجربة مريرة كانت حتى الامس القريب ما تزال محفورة في ذاكرة الصيداويين الذين إضطروا الى ممارسة كل طقوس تلك الحقبة السوداء من الاختباء في الملاجىء الى النزوح والخوف من الرصاص الطائش على الأرواح والممتلكات، في ظل حالة الفوضى التي سادت والانتشار الكثيف للسلاح والمسلحين، والتوتر الشديد الذي نتج بالرغم من وقف إطلاق النار، حيث ستقفل المدارس في صيدا اليوم وكذلك كثير من المحلات والمؤسسات بالتزامن مع تشييع القتلى. 

حرب شرسة دارت رحاها في عدة احياء صيداوية بين أصحاب المولدات الخاصة، وأدت الى سقوط قتلى وجرحى، وشهدت كمائن وأعمال انتقام واحراق منازل ومحلات وسيارات، ودخول أطراف سياسية حاولت بداية نصرة فريق على آخر، قبل أن تجد  نفسها امام مجزرة تجاوزت الصراع المعتاد بين “مافيا” المولدات على بسط النفوذ والسيطرة على الأحياء الى معركة يخشى من تداعياتها على السلم الأهلي داخل مدينة تعيش هاجس انفجار الوضع في مخيم عين الحلوة. 

ربما لم يكن خبر الاشتباكات المسلحة التي وقعت مستغربا او مستبعدا حصوله في اي منطقة لبنانية، انطلاقا من وقائع ميدانية  كثيرة تجسد اتساع نفوذ وسلطة اصحاب المولدات الذين تجاوز قسم كبير منهم قرارات وتعميمات كانت صدرت عن جهات حكومية وسلطات محلية.

saida 3

هي جولة من جولات كثيرة تحصل بشكل شبه يومي على أعين الدولة وبعض المسؤولين، لكنها هذه المرة في صيدا كانت اكثر دموية عن سابقاتها بعدما ارتفع عدد القتلى الى ثلاثة، واتسعت رقعة مواجهاتها، في ظل إنعدام القدرة على ضبطها بالسرعة اللازمة بسبب تشعب الامور ودخول أطراف ناصرت هذا الفريق على الفريق الاخر والعكس صحيح، انطلاقا من حسابات عائلية وسياسية وحزبية، لا سيما ان أحد القتلى مقرب من إمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود، الذي سارع الى عقد إجتماع مع مسؤول حزب الله في صيدا الشيخ زيد ضاهر لمعالجة الوضع والعمل على التهدئة.

ساعات عصيبة، فرضت حالة من الفوضى القاتلة، تسببت باعتداءات على مواطنين وعلى الطاقم الطبي في مستشفى حمود وقطع طرقات ونزوح عائلات فلسطينية الى عين الحلوة، مع دعوات كانت أشبه بـ “النكات” من قبل مواطنين بضرورة رفع جدار مخيم عين الحلوة لحمايته من الاشتباكات والرصاص القادم من الأحياء الصيداوية المجاورة.

 ووفق المعلومات، فان المعركة انطلقت على خلفية التنافس على أحياء لوضع مولدات جديدة من قبل شخص فلسطيني يدعى صالح شحادة، وهو من مناصري التنظيم الشعبي الناصري وله علاقات جيدة بحزب الله، ويملك عدة مقاهي في المدينة. حيث تطور الامر الى إشكال مع صاحب المولدات في المنطقة ويدعى أبو عبد الله الصديق وهو من طرابلس ويعيش في صيدا، وهو  أحد  المسؤولين العسكريين في مكتب الشيخ حمود، وسرعان ما تطور الأمر الى إطلاق نار وسقوط قتلى وجرحى، معظمهم من المقربين من الصديق. 

وعلى الفور انتشر الخبر وبدأت مجموعات مسلحة تنتشر في حي البراد وصولا الى أحياء مجاورة، حيث بدأت أعمال إنتقام تمثلت بإحراق مقهى “صح صح” لصاحبه شحادة وعدة مولدات، قبل ان يتم إستهداف شحادة وتردد أنه أصيب، في حين أكدت معلومات عن توقيفه من قبل مخابرات الجيش في أحد مطاعم الغازية. 

وبعد سلسلة اتصالات عمل الجيش اللبناني على إحكام سيطرته على الأحياء التي دارت فيها المواجهات، وسط حالة من الترقب والخوف في صيدا من إمكانية تجدد تلك الاشتباكات وتحولها الى اعمال انتقام او ثأر.

يمكن القول أن حرب أصحاب المولدات لم تعد مقتصرة على كيفية تثبيت حقوقهم في فرض التسعيرة التي يرونها مناسبة في المناطق التي تستسلم فيها السلطات الرسمية لرغباتهم، بل باتت تتعدى هذا التفصيل بعدما احكم بعضهم سيطرته وضمِن عدم ملاحقته او معاقبته قانونيا بسبب عدم التزامه بالتسعيرة الرسمية التي تصدر عن وزارة الطاقة وتكلف البلديات والمحافظين تطبيقها، خصوصا أنهم أصبحوا حالة تحظى بغطاء سياسي وأمني وحزبي، وربما تحولوا الى حاجة انتخابية او الى قوى لبسط نفوذ هذا السياسي او ذاك، ويصبحوا في اماكن معينة خطرا يتجاوز الامن الاقتصادي الى تهديد الآمنين بحياتهم.

Post Author: SafirAlChamal