الضنية: المدارس الرسمية في سبات عميق والدولة والبلديات شاهد زور!… عمر ابراهيم

لم يشهد القطاع التربوي في الضنية خلال مسيرته تغيرات جوهرية تتلاءم مع النهضة التي شهدتها مثيلاتها في مناطق عدة، لتلبية الاحتياجات الضرورية التي يفرضها المنهاج العلمي والازدياد المطرد لعدد السكان، رغم كل المحاولات التي بذلت من قبل قوى سياسية جهدت خلال العقدين الماضيين في تفعيل عمل الوزارة المعنية من دون أن تصل إلى ما هو مرجو. هذا الواقع كان له إنعكاسات سلبية على الأداء العام لهذا القطاع على نحو أدى إلى تراجع مستوى النجاح في الامتحانات الرسمية، وازدياد نسبة التسرب في المراحل المتوسطة رغم غياب الإحصاءات الرسمية التي تحدد مثل تلك الأرقام. 

كثيرة هي المشاكل التي يواجهها القطاع التربوي في الضنية، التي لا تقتصر على ما تعانيه مرافقه من حرمان وإهمال على صعيد المباني والتجهيزات التي يفتقد قسم كبير منها إلى الحد الأدنى من الشروط التربوية المتعامل بها في لبنان، بل إن الأمر يتعدى في بعض الأحيان تلك المسائل الشكلية إلى أمور تتعلق بشكل مباشر بالذهنية المتبعة في إدارة شؤون هذا القطاع من قبل الدولة والسلطات المحلية، التي بدورها لم تبذل أي مجهود يذكر لسدّ العجز الذي خلفته الدولة، وتحديدا في القرى الرئيسية بلدة سير التي تعتبر عاصمة القضاء،  فضلا عن عدم وجود كادرات تعليمية وإدارات للمدارس قادرة على مواكبة المراحل الجديدة، بحسب ما أوضح مصدر تربوي الذي أكد أن من المشاكل التي يعاني منها القطاع التربوي فضلا عما ذكر، هو إغفال دور دار المعلمين في الضنية، فضلاً عن وجود بعض مدراء المدارس الذين يعتبرون أن المدرسة هي إرث لهم يمارسون فيها سياسة استنسابية من حيث التعاقد مع الأساتذة.

يشير المصدر التربوي الى أن عدد المدارس الرسمية في الضنية يبلغ  69 مدرسة، هناك ثلاث مدارس منها فقط ملك للدولة، و14 مدرسة تقدمة للدولة من دون مقابل، أما الباقي فهو مستأجر.

وتشير الإحصاءات إلى أن اللغة الفرنسية هي اللغة الأجنبية الوحيدة المعتمدة في مدارس الضنية، ويبلغ عدد التلاميذ المسجلين في التعليم العام في السنة الدراسية الماضية نحو عشرين الف تلميذ، يتوزعون على مراحل التعليم كافة، وقد زاد هذا العدد بنسبة 24 بالمئة، عن السنة التي سبقتها، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة التلاميذ الذين يتابعون دراساتهم في التعليم العام الرسمي يبلغون 76 في المئة مقارنة مع التلاميذ الذين يتابعون تحصيلهم في التعليم الخاص، في حين أن نسبة المدارس الخاصة قياساً مع المدارس الرسمية لا تزيد عن 9 بالمئة، وتُظهر الأرقام أن نسبة عالية من التلاميذ في كل المراحل لا يكملون دراستهم الأكاديمية أو المهنية ويتجهون إلى سوق العمل بسبب الضائقة الاقتصادية من جهة ونتيجة غياب الوعي لدى أولياء أمورهم من جهة ثانية.

ويبلغ عدد الاساتذة استناداً إلى احصاءات العامين الماضيين، (ملاك وتعاقد) 1386 معلماً 59 بالمئة، منهم متعاقدون، وقد زاد هذا العدد بنسبة 15 بالمئة، عن السنة ما قبل الماضية، وهذا يبين أن متوسط عدد التلاميذ للأستاذ الواحد يزيد على 10 تلاميذ، وهو أدنى متوسط بين أقضية محافظة الشمال، إذا استثنينا بعض القرى المحظوظة في الضنية وعلى سبيل المثال بلدة كفرحبو حيث أن الأمور تختلف كليا عن واقع الحال في باقي قرى القضاء، ما يعني وجود زيادة أو فائض في عدد أفراد الهيئة التعليمية.

إضافة إلى ما تقدم يلاحظ أن الكثير من متوسطي الحال والميسورين في الضنية يفضلون إرسال أولادهم إلى المدارس الخاصة في طرابلس وزغرتا والكورة، كون المدارس الخاصة في الضنية إلى جانب ندرتها لم تعد تلبي تطلعات الأهالي. وأمام ذلك، فإن كثيرا من التربويين يرون إنه من الضروري وحفاظاً على المدرسة الرسمية في المنطقة أن يبذل المسؤولون المزيد من الجهد على صعيد تنمية وإعادة تأهيل الأبنية المدرسية وتجهيزها، وإعطاء كل بلدة في الضنية حقها، والاهتمام بدار المعلمين في الضنية كونها الوحيدة القادرة حالياً على تخريج مجموعات من المعلمين المؤهلين الذين يستطيعون إلى جانب جهود أخرى ينبغي بذلها انتشال المدرسة الرسمية من الواقع المأساوي الذي وصلت إليه، وهي التي كانت شهدت في أواسط الستينيات وأوائل السبعينيات فترة ذهبية وغرقت بعدها في سبات عميق.

Post Author: SafirAlChamal