ما هي الحلول التي قدمها ″البنك الدولي″ لمعالجة البطالة والفقر شمالا؟… غسان ريفي

قدم البنك الدولي تقريرا صادما حول التحديات الهيكلية والاجتماعية والاقتصادية التي ترخي بثقلها على منطقة شمال لبنان ومن ضمنه طرابلس، حيث أشار الى تنامي حالات الفقر التي بلغت 36 في المئة أي ما يعادل ثلث السكان في تلك المنطقة، لافتا الانتباه الى أن عدد المؤهلين للعمل في الشمال يقدر بـ 610 آلاف شخص، أكثر من نصفهم غير ناشطين، مما يجعل مجموع القوى العاملة شمالا 289 ألف شخص، في حين تبلغ نسبة أرباب العمل منهم 20 في المئة، فيما تبلغ نسبة العاملين لحسابهم الخاص 22 في المئة، وأن 49 في المئة من القوى العاملة هم موظفون عاملون بأجر، و15 في المئة منهم فقط من العاملين بأجر ثابت ورسمي، أما الـ 9 في المئة فهم عاطلون عن العمل.

ويتوقع التقرير أن يزداد مجموع القوى العاملة في الشمال من 289 ألف الى 362 ألف شخص بحلول العام 2025 ما يعني أن الاقتصاد في المنطقة سيحتاج الى خلق 8000 وظيفة كعدد متوسط سنويا من أجل الحفاظ على وضع مستقر في سوق العمل.

ويرى التقرير أن معالجة ثغرة العمالة في شمال لبنان تحتاج الى توفير ما يقارب 14 ألف وظيفة جديدة في المنطقة، أو نحو 2800 وظيفة سنويا إذا ما تم تحديد مهلة خمس سنوات لبلوغ هذه الغاية، ولكي يتم تحقيق معدل عمالة يتجاوز الـ 60 في المئة وهو معدل نموذجي في البلدان ذات الدخل المتوسط، يجب إيجاد أكثر من 120 ألف وظيفة، أو 24 ألف وظيفة في السنة على مدى فترة خمس سنوات، وبغية تحسين نوعية الوظائف وجعل المنطقة تتماشى مع المعدل الوطني البالغ 62 في المئة من العاملين في وظائف بأجر، سيتطلب ذلك خلق 21 ألف وظيفة إضافية أو أكثر من 4 آلاف وظيفة في السنة على مدى خمس سنوات.

يخلص تقرير البنك الدولي الى القول: إن تحديات خلق فرص العمل في شمال لبنان كبيرة، حيث أن إقتصاد الشمال هو إقتصاد إقليمي، غير رسمي، وذو مستوى  فقر عال، ويواجه صدمات خارجية كبيرة وطويلة الأمد تزيد من تدهور حالة إنعدام الأمن الداخلي المستمر، كما تعاني منطقة الشمال من إحساس قوي بالاهمال من جانب حكومة مركزية لم تتمكن من المضي بالاصلاحات الرئيسية المطلوبة لتوفير أي تحسين تنافسي واسع النطاق في إقتصاد المنطقة، كما أنها لم تتمكن من تقديم أي دعم لهذه المنطقة، وقد تأكد هذا الشعور بالتهميش خلال الانتكاسات غير المتوقعة التي عانت منها التيارات السياسية الرئيسية في الانتخابات البلدية الأخيرة في طرابلس.

ويشير التقرير الى أن جوهر المشكلة يكمن في أن سوق العمل يوفر وظيفة واحدة لكل خمسة بالغين مؤهلين للعمل، وأن القطاع الخاص لا يولد فرص عمل منتجة، حيث أن عشرات الآلاف من البالغين في سن العمل والمتعلمين نسبيا هم عاطلون عن العمل أو خارج القوى العاملة تماما، وهناك آخرون عالقون في وظائف منخفضة الجودة، مشددا على ضرورة تحسين مرافق البحث عن الوظائف ومواءمة مهارات العمل، ولا سيما لدى العاطلين عن العمل الذين لديهم مهارات أفضل، والعمل على إستقطاب إستثمار على مستوى الطلب.

ويقترح البنك الدولي في تقريره خطتين قصيرة وطويلة الأمد، بهدف المضي قدما نحو إيجاد فرص عمل.

تتراوح الخطة الأولى بين 3 الى 5 سنوات وتتضمن دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم من أجل تحسين آداء السوق وفتح منافذ جديدة له، إضافة الى توفير أشكال جديدة من التمويل لبدء وتوسيع المشاريع الصغرى والمتوسطة بالطرق التي تعزز خلق فرص العمل وتساعد على التخفيف من مخاطر الاقراض، فضلا عن وضع برامج هادفة لدعم إطلاق الأعمال التجارية التي يديرها الشباب والنساء.

أما الخطة الثانية فتتضمن تحديد واضح للفرص المتاحة في السوق، والاستثمارات الجديدة في المرافق المرتبطة بها، وتنمية مهارات القوى العاملة، وبعض التحسينات الأساسية في البنية التحتية، وإيلاء المزيد من الاهتمام بتأسيس شراكات فعالة وإقامة شبكات ومجموعات عاملة في المنطقة، إضافة الى رفع مستوى المهارات وجعلها أكثر صلة بمتطلبات القطاع الخاص المتطورة، وتحسين المواءمة بين العمال والوظائف عبر القيام بتسجيل القوى العاملة وتصنيفها بصورة أكثر فعالية وتدفق المعلومات بين المؤسسات العامة للتوظيف والتدريب والقطاع الخاص.

كما تدعو الخطة الى إيجاد مستثمرين من القطاع الخاص يرغبون في الاستثمار في الشمال كقاعدة لخدمة أسواق أوسع، ما يعني الاعتماد على مصادر الميزة النسبية شمالا، وتشمل هذه المصادر موقع الشمال الجغرافي الاستراتيجي حيث يوفر مرفأ طرابلس ربطا مع المنطقة ككل، كما يحتاج الأمر الى إعادة إرساء دور طرابلس المركزي في الاقتصاد الاقليمي والوطني.

ويقترح التقرير سلسلة من الحلول منها: مواصلة الاستثمارات من أجل تطوير مرفأ طرابلس كمحطة حاويات رائدة للشحن الاقليمي وتوسيع نطاق الاستثمار الخاص قدر الامكان، إضافة الى الاستثمارات في البنى التحتية للنقل من أجل تحسين الربط بين طرابلس ومختلف المناطق في لبنان، وكذلك بين طرابلس والمناطق الرئيسية في الشمال، والاستثمارات في البنى التحتية الصناعية مثل المناطق الاقتصادية الخاصة والمجمعات الصناعية من اجل تقديم الدعم الى قطاع صناعي تنافسي، والاستثمارات في البنى التحتية الحضرية والقدرات البلدية من أجل تعزيز وتحسين نوعية المعيشة  لسكان طرابلس، والاستثمارات من أجل تمكين طرابلس من دعم إعادة إعمار سوريا في مرحلة ما بعد الصراع.

Post Author: SafirAlChamal