طلاب الثانوي والمهني الى المجهول.. وبلدية طرابلس تماطل في تسجيلهم… روعة الرفاعي

التفاوت بين التعليم الرسمي والخاص لا يزال يأخذ أشكالاً متعددة، والدولة حتى اللحظة لم تبادر الى دعم التعليم الرسمي بالرغم من ″النزوح الحاصل من المدرسة الخاصة بسبب الأقساط المرتفعة والخوف من زيادتها″ مع اقرار سلسلة الرتب والرواتب.

سنوياً تطالع الأهالي مشاكلاً جمة لحظة البحث عن ″مقعد دراسي لأولادهم″، وان كان الهم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة مقبولاً، فهو هذه السنة في المرحلة الثانوية يصطدم بعدم قدرة الأهالي على تأمين الرسوم لأولادهم في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية التي كانت مولجة في السابق بدفع الرسوم عن الطلاب الذين يملكون البطاقات، عدم قدرتها على ″التسجيل″ بعدما كانت قد تخلفت عن دفع المتوجبات عليها في السنة الماضية.

إزاء هذا الواقع اصطدم الأهالي بعدم القدرة على تأمين المال لتسجيل أولادهم سواء في الثانويات أو ضمن المهنيات، حتى أن بعض المصادر التربوية المطلعة أكدت أن أحداً من الجمعيات والتي كانت تنشط في السابق في هذا المضمار الى جانب السياسيين لم تعلن حتى اللحظة عن أية مساعدات، ما يوحي بأن “الطالب” ما يزال متروكاً لمصيره.

ولأن طرابلس هي الأفقر على صعيد لبنان، ولأن التسرب المدرسي فيها هو “الأكبر” فان كثيرا من الجمعيات الأهلية نشطت في سبيل ايجاد “حلاً لهذه المعضلة”، وبدأت الأصوات ترتفع من أجل تأمين الرسوم والتي تبلغ 122 ألف ليرة لبنانية رسوم خزينة دولة، و150 ألف ليرة لبنانية لـ”صندوق الأهل” الذي تشرف عليه لجان الأهل، ما يعني 272 ألف ليرة لبنانية، مع العلم بأن هذه القيمة تختلف بين منطقة جغرافية وأخرى نظراً لقيمة صندوق الأهل والتي يحق للجان زيادة قيمتها لتصل الى 200 ألف ليرة لبنانية، وبالطبع فان “العائلات الفقيرة” التي لديها أكثر من ولد داخل الثانويات لا يمكنها الاقلاع لوحدها بعيداً عن المساعدات التي كانت تقدم لها في السابق.

هذا الواقع دفع بعضوي مجلس بلدية طرابلس رئيس اللجنة التربوية زاهر سلطان ورئيسة اللجنة الاجتماعية رشا السنكري الى طرح بند على المجلس البلدي يجيز إقرار مساعدة مالية لتسجيل طلاب الثانويات ضمن نطاق مدينة طرابلس، وعن الموضوع تتحدث السنكري فتقول:”بعد سلسلة من الاتصالات مع الادارات المعنية تم التوصل الى 666 اسماً من ذوي العائلات الأكثر فقراً، وتمت الموافقة على تسجيلهم مع امكانية زيادة العدد، حيث ان الموضوع يحتاج الى جلسة مجلس بلدي لاقرار المبلغ، وهذا ما لم يتم في الجلسة التي انعقدت مؤخراً ولم يكتمل نصابها، ما اضطرنا الى تأجيل موعدها الذي سيكون خلال الأسبوع المقبل، مع التشديد على أن رئيس البلدية المهندس أحمد قمر الدين قد وافق على هذا البند المطروح بعكس ما يثار من أقاويل”.

ولفتت السنكري الى انه “لا صحة للشائعات التي تقول بأن مدراء المدارس معنيين باجراء الاتصال بي مباشرة قبل تسجيل أي طالب لأخذ الموافقة مني شخصياً، وأقول ان القضية بحاجة الى جلسة لاقرارها”.

وبناء عليه تجدر الاشارة الى ان رئيس مجالس الأهل عبد الحميد عطية قد سارع الى نشر خبر مفاده أن “رئيس البلدية والأعضاء قد وافقوا على تقديم منحة مالية بقيمة 81 مليون ليرة لدعم التعليم الرسمي بتسجيل ما تبقى من طلاب خارج مقاعدهم” الأمر الذي أثار حفيظة مدراء الثانويات الذين أكدوا أنه حتى الساعة لم يتم تسجيل سوى عدد قليل من الطلاب بسبب عدم وجود أي مساعدة، في الوقت الذي لا يملك فيه الأهالي قيمة الرسوم، مما يعني أزمة حقيقية على صعيد التعليم الرسمي والذي يترنح أمام الكثير من المشاكل أهمها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يتخبط بها الأهالي، في الوقت الذي لا تلجأ فيه الدولة الى اطلاق مجانية التعليم أقله على صعيد المدينة والتي باتت تحت خط الفقر بشهادة كل السياسيين.

وفي الوقت الذي ينطلق فيه قطار العام الدراسي في المدارس والثانويات الخاصة، ويبدأ طلاب الشهادات الرسمية بتلقي علومهم، فان طلاب المدارس الرسمية يقبعون في “منازلهم” بسبب الاضرابات، في حين أن طلاب الثانويات ومدرائها ينتظرون “الفرج من عند الله” فهل سيكون لأزمة التعليم الرسمي والتي تتفاعل سنة بعد سنة بالرغم من الحديث المتواصل عن قرب الموعد المحدد لدعم هذا القطاع وتفعيله، فاذا به في تراجع مستمر وأزمات لا تنتهي.

وفي هذا السياق يشير مصدر تربوي الى انه “في كل سنة يتم تسجيل 220 طالباً ضمن ثانويتنا، 70 الى 80 منهم يتم تسجيلهم على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية، 50 على نفقة الجمعيات والسياسيين، هذه السنة فوجئنا بتوقف مساعدات “الشؤون” لعدم توفر الأموال، وهي اصلاً قد تخلفت عن دفع متوجباتها عن السنة الماضية،  والمستغرب أكثر انه لا جمعية ولا سياسي طلبوا منا تسجيل طلاب كما كان سائداً في السابق ما يوحي وكأننا ندور في حلقة مفرغة” .

ويكشف المصدر أنه في ثانوية “الغرباء” على سبيل المثال، الضرر كبير كون معظم الطلاب من مناطق التبانة والزاهرية والغرباء، وهي المناطق الأكثر فقراً، ولغاية الآن تم تسجيل 110 طلاب في حين لا نعرف شيئاً عن مصير بقية الطلاب”.

وبهدف المتابعة عقدت هيئات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية اجتماعات موسعة ضمن لقاء الثلاثاء في دارة المناضل الراحل الدكتور عبد المجيد الرافعي وصدر عنهم بياناً تلاه الدكتور بشير المواس جاء فيه:” ان القاصي والداني يعلم بأن طرابلس هي أفقر مدينة في لبنان، وأن نسبة الفقر منتشرة بين الكثيرين من ابناءها وهي الأكثر حاجة للدعم والمساعدة، يؤكد المجتمعون على تمسكهم بضرورة اعفاء الطلاب الثانويين والمهنيين من رسوم التسجيل، ويناشدون كافة المعنيين في وزارة التربية والمالية والشؤون الاجتماعية وبلدية طرابلس تحقيق هذا المطلب بأسرع وقت ممكن كي لا تفوت فرصة التعليم على الطلاب”.

وكان لقاء الثلاثاء والجمعيات والأهالي نفذوا إعتصاما أمام ثانوية الغرباء إحتجاجا على عدم إتخاذ البلدية قرارا بتحمل رسوم تسجيل الطلاب.

Post Author: SafirAlChamal