الحريري وانتخابات 2018: ″أكون أو لا أكون″!… عبد الكافي الصمد

يُعطي الخطاب السياسي المتشنّج الذي بدأت بعض التيارات والقوى السياسية تستخدمه على نطاق واسع، وبسقف مرتفع جداً، إنطباعاً أن الإنتخابات النيابية المرتقبة قد بدأت باكراً، بالرغم من أنه ما يزال يفصل عن موعدها أكثر من ثمانية أشهر.

يمكن ملاحظة هذه الظاهرة بشكل خاص لدى تيار المستقبل، الذي بدأ ″زعيمه″ الرئيس سعد الحريري، ونوابه ووزرائه، وخصوصاً الصقور منهم، يستخدمون خطاباً سياسياً يطغى عليه التشنّج السياسي والطائفي والمذهبي بقوة، هو موجّه في الأصل إلى جمهورهم، بغية شدّ عصبه وإبقائه متماسكاً وملتفاً حولهم، بعد تراخي هذا الجمهور وتراجع مونة ونفوذ قادة التيار الأزرق عليه في الآونة الأخيرة.

هذه الظاهرة يمكن رصدها ومعاينتها في أكثر من نقطة، أبرزها:

أولاً: يدرك الحريري أنه يخوض الإنتخابات النيابية المقبلة على أساس “أكون أو لا أكون” وأن بقاءه في رئاسة الحكومة مرهون بنتائج هذه الإنتخابات، التي على ضوئها يمكن تلمّس ومعرفة مستقبله السياسي ومستقبل تياره، وأنه لا ضمانة لبقائه في سدة الرئاسة الثالثة في عهد الرئيس ميشال عون إلا خروجه من الإنتخابات المقبلة بفوز يبقيه الزعيم السّني الأول.

ثانياً: يسود في أوساط تيار المستقبل يقين، موجود بالطبع لدى الحريري، أن المال سيكون العنصر الرئيسي الأكثر تأثيراً في الإنتخابات المقبلة، كما في أي إنتخابات جرت في السنين الأخيرة، وأن من سيدفع أكثر سيحصد مقاعد نيابية أكبر، خصوصاً في ظل أزمات معيشية وإقتصادية خانقة يعاني منها المواطنون، المعتطشين للمال الإنتخابي بعد تأجيل إجراء الإنتخابات 3 مرات، وتمديد ولاية المجلس النيابي، وهو يقين يجعل التيار الأزرق في وضع صعب بسبب أزمته المالية.

ثالثاً: يعرف الحريري وتياره أنه لا يمكن تعويض نقص المال الإنتخابي لديهم إلا بالتجييش السياسي والطائفي والمذهبي، باعتباره واحداً من أهم عناصر “عدة الشغل” لديهم، أو ما تبقى لديهم من “أسلحة” ليستخدمونها، لكن تبرز مخاوف كثيرة من أن لا يستوعب كثيرون مفاعيل هذا التجييش فيرتد على أصحابه عكسياً، نظراً لحسابات مختلفة عن السنوات والإستحقاقات السابقة.

رابعاً: يتلمس الحريري وضعه جيداً، سياسياً وإنتخابياً، وهو بات يدرك أن لا مجال لديه بعد اليوم للمغامرة السياسية، كما كان يحصل في السابق، وأنه سيتلقى خسائر في أكثر من دائرة إنتخابية حسب ما تشير أغلب إستطلاعات الرأي، وأنه لم يعد “سلطان زمانه”، وأن كل ما يمكنه فعله، وهو ما يسعى إليه بكل جهده، هو التقليل من الخسائر المحتملة التي قد يتعرض لها، محاولاً بكل إمكاناته تعويض ما فاته، والتعلم من أخطائه، من أجل الخروج من الإنتخابات المقبلة بأقل الأضرار، وهي محاولة غير مضمونة النتائج، لأن إحتمالات النجاح والفشل متقاربة.

خامساً: يخوض الحريري معاركه السياسية والإنتخابية، منذ اليوم وحتى إقفال صناديق الإقتراع، على قاعدة أن كل “الأسلحة” المتوافرة لديه مسموح إستخدامها، سواء بالنسبة له أو لغيره، لكن ما فات الحريري وتياره وجمهوره هو هل أن حسابات الحقل سوف تتطابق عندهم مع حسابات البيدر أم أن مفاجآت كثيرة غير سارة تنتظرهم؟.

Post Author: SafirAlChamal