الحريري في طرابلس الخميس: الوعود لا تطعم خبزاً!… عبد الكافي الصمد

لا تشبه زيارة الرئيس سعد الحريري إلى طرابلس يوم الخميس المقبل، لترؤس جلسة الحكومة التي ستنعقد في سرايا المدينة، في أول جلسة لها خارج العاصمة بيروت، أيّاً من زياراته السابقة إلى عاصمة الشمال، خصوصاً في السنوات الأخيرة، لا في الشكل ولا في المضمون.

في الشكل، يأتي الحريري إلى طرابلس هذه المرّة مدجّجاً بوزراء حكومته، من أجل عقد جلسة حكومية يعمل المقربون من رئيس الحكومة في المدينة على الترويج لها، والقول بإنها ستكون تاريخية لما ستحمله من مقررات هامة تخص طرابلس وكل الشمال، وتعكس إهتمام الحريري بالمدينة ودعمه تنفيذ مشاريع حيوية وإنمائية فيها، وتلبية حاجياتها المختلفة التي ستحملها حقيبته.

وفي الشكل أيضا، يأمل الحريري أن تكون زيارته الطرابلسية المقبلة عكس سابقاتها، وأن يتلاقى تواجده فيها مع أعضاء الحكومة، مع إهتمام أهالي المدينة بالحدث غير المسبوق في تاريخها، أقله منذ انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990، بعدما غاب الطرابلسيون عن استقباله في آخر زيارتين له للمدينة، حيث لم يكن في استقباله سوى بضع مئات من المواطنين، ما يترجم تراجع شعبية ونفوذ الحريري في المدينة بشكل كبير، مقارنة بما كانتا عليه في السنوات الأولى التي تلت دخوله معترك عالم السياسة بعد اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005، حينما كانت طرابلس تزحف بغالبيتها لاستقباله لدى زيارته لها.

يعرف الحريري قبل سواه حقيقة وحجم مآزقه مع طرابلس وأهلها، من تقاعسه عن دعم تنفيذ مشاريع حيوية وإنمائية فيها تنتشلها من واقعها البائس، وتوفر فرص عمل تساعد آلاف الذين ينتظرون فرصة ما، ولو بالحد الأدنى، تؤمن لهم قوت يومهم، وتزرع داخل نفوسهم أملاً صغيراً في مستقبل أيامهم.

ويدرك الحريري أن الوعود التي سيغدقها على الطرابلسيين لن تكون سوى تكرار لوعوده التي يعطيها لهم قبل كل إنتخابات نيابية، ولا يتحقق منها شيء، وهو إذا فتح إرشيفه الشخصي سوف يجد الكثير من الوعود التي أعطاها للطرابلسيين والشماليين، وتحديداً تلك التي أعطاها لهم قبل إنتخابات 2009 النيابية، وبقيت حبراً على ورق، الأمر الذي سيجعله ملزماً بتحقيق وعوده القديمة وليس إعطاء وعود جديدة، إلا إذا كان يعتقد أن ذاكرة المواطنين في المدينة ضعيفة، وستنسى وستسامحه على كل ما أخلّ به من وعود لم يتحقق منها إلا النذر اليسير.

يأتي الحريري إلى طرابلس يوم الخميس المقبل وهو يظنّ أنه يحمل أكبر “خرطوشة” في جعبته يمكن له أن يستخدمها، وفي أن تشكل تعويماً له ولتياره، بفعل التراجع الذي أصابهما سياسياً وشعبياً، في مواجهة خصومه الرئيسين في المدينة، الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي وسواهما.

يُعوّل الحريري كثيراً على جلسة حكومته المقبلة في عاصمة الشمال، ويُمنّي النفس في أن يجني منها الكثير، شعبياً وسياسياً في المدينة، وأن يترجم ذلك في الإنتخابات النيابية المقبلة، مع أنه لا يخفى عليه أن الطرابلسيين لم ينسوا وعوده السابقة، ولن يأخذوا أي وعد جديد منه على محمل الجدّ قبل أن يلمسوه واقعاً على الأرض، وأن الوقت الضيق من هنا وحتى موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، لن يسعفه في أن يبدأ أو أن يدشن أي مشروع بشّر أو يُبشّر الطرابلسيين به، سوى أن يضع حجر الأساس له، لأن ما عجز عن تنفيذه من وعود ومشاريع طيلة 8 سنوات لن ينفذه في 8 أشهر.

Post Author: SafirAlChamal